والميعاد، والوعد إذا أطلقا تناولا الخير، والشر. يبين ذلك قوله (ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا) (1) ولا يجوز أن يقال وعد بالخير فأما وعد بالشر، فيجوز. واللام في قوله: " ليوم لا ريب فيه " معناه في يوم وإنما جاز ذلك لما دخل الكلام من معنى اللام وتقديره جامع الناس للجزاء في يوم لا ريب فيه، فلما حذف لفظ الجزاء دخلت على ما يليه فأغنيت عن في لان حروف الإضافة متآخية، لما يجمعها من معنى الإضافة. وقد كان يجوز فتح أن في قوله: " إن الله لا يخلف " على تقدير " جامع الناس ليوم لا ريب فيه " ل " إن الله لا يخلف الميعاد " ولم يقرأ به.
قوله تعالى:
(إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار) (10) آية واحدة بلا خلاف.
المعنى:
إن قيل كيف تتصل هذه الآية بما قبلها؟ قلنا: اتصال الوعيد بالدعاء، للاخلاص منه خوفا من استحقاق المتوعد به، والفرق بين " لن تغني عنهم من الله " وبين لن تغنيهم عن الله شيئا. أن لن تغنيهم عن الله لا يدل على الوعيد كما يدل " لن تغني عنهم من الله " لان تقديره من عذاب الله. ومعنى من ههنا يحتمل أمرين: قال أبو عبيدة معناها: عند. وقال المبرد: من ههنا على أصلها، لابتداء الغاية. وتقديره " لن تغني عنهم " غناء ابتداء الشئ الذي خلقه، ولا يكون الغناء إلا منه، فمن هذه تقع على ما هو أول الغناء وآخره والوقود: الحطب، والوقود اللهب. وهو إيقاد النار. والغنى ضد الحاجة. وبمعنى " لن تغني عنهم من الله " أنه إن يكون شئ تبقى الحاجة إلى الله تعالى بل الحاجة باقية على كل حال.