" سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها، قل الله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم (142) - آية واحدة بلا خلاف.
أخبر الله (تعالى) نبيه عليه السلام أنه سيقول لك فيما بعد السفهاء، وهو جمع سفيه، وهو والجاهل والغبي نظائر.
" ما ولاهم " معناه، أي شئ ولاهم ومعنى ولاهم صرفهم عنه، ومثله: قلبه عنه وفتله. " عن قبلتهم التي كانوا عليها ". والقبلة: الجهة التي تستقبل في الصلاة، وقبلة المسلمين: الكعبة. والسفيه الخفيف إلى ما لا يجوز له أن نخف إليه، وهي صفة ذم في الدين. وضد السفه الحكمة واشتقاق. لاهم من الولي، وهو حصول الثاني بعد الأول من غير فصل. فالثاني يلي الأول، والثالث يلي الثاني، والرابع يلي الثالث ثم هكذا أبدا. وولى عنه خلاف ولى إليه: مثل قولك: عدل عنه، وعدل إليه، وانصرف، عنه وانصرف إليه. فإذا كان الذي يليه متوجها إليه فهو متول إليه وإذا كان متوجها إلى خلاف جهته إلى خلاف جهته، فهو متول عنه.
والقبلة مثل الجلسة للحال التي يقابل الشئ غيره عليها. كما أن الجلسة للتي يجلس عليها. فكان يقال: فيما حكي هو لي قبلة، وأنا له قبلة، ثم صار علما على الجهة التي تستقبل في الصلاة.
واختلفوا في الذين عابوا المسلمين بالانصراف عن قبلة بيت المقدس إلى الكعبة على ثلاثة أقوال:
(الأول) فقال ابن عباس، والبراء بن عازب: هم اليهود. و (الثاني) قال الحسن: هم مشركوا العرب، وإن رسول الله (صلى الله عليه وآله لما حول الكعبة من بيت المقدس، قالوا: يا محمد صلى الله عليه وآله رغبت عن قبلة آبائك، ثم رجعت إليها أيضا، والله لترجعن إلى دينهم. والثالث قال السدي: انهم المنافقون، قالوا ذلك استهزاء