لم يحتمل الوجوه.
قوله تعالى:
(إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) (33) آية واحدة.
معنى اصطفى: اختار واجتبى وأصله من الصفوة، وهذا من حسن البيان الذي يمثل فيه المعلوم بالمرئي وذلك أن الصافي هو النقي من شائب الكدر فيما يشاهد فمثل به خلوص هؤلاء القوم من الفساد لما علم الله ذلك من حالهم لأنهم كخلوص الصافي من شائب الأدناس. فان قيل: بماذا اختارهم أباختيار دينهم أو بغيره؟
قيل فيه ثلاثة أقوال:
أحدها - بمعنى أنه اختار دينهم واصطفاه، كما قال: " واسأل القرية " (1) وهذا قول الفراء:
و (الثاني) قال الزجاج واختاره الجبائي. انه اختيارهم للنبوة على عالمي زمانهم.
الثالث - قال البلخي: بالتفضيل على غيرهم بما رتبهم عليه من الأمور الجليلة، لما في ذلك من المصلحة.
والاصطفاء هو الاختصاص بحال خالصة من الأدناس. ويقال ذلك على وجهين. يقال: اصطفاه لنفسه أي جعله خالصا له يختص به. والثاني - اصطفاه على غيره أي اختصه بالتفضيل على غيره وهو معنى الآية فان قيل: كيف يجوز اختصاصهم بالتفضيل قبل العمل؟ قيل: إذا كان في المعلوم أن صلاح الخلق لا يتم إلا بتقديم الاعلام لذلك بما قدم من البشارة بهم، والاخبار بما يكون من حسن أفعالهم والتشويق إليهم بما يكون من جلالتهم إلى غيره من الآيات التي تشهد لهم، والقوى في العقول والافهام التي كانت لهم، وجب في الحكمة تقديم ذلك لما فيه