موجودا فينا. وقوله: (ومن يعتصم بالله) معناه يمتنع والعصم: المنع. تقول عصمه يعصمه عصما، ومنه قوله: " لا عاصم اليوم من أمر الله " (1) أي لا مانع.
والعصم: الأوعال لامتناعها بالجبال. والمعصم لأنه يمتنع. والعصام: الحبل، والسبب، لأنه يعتصم به.
قوله تعالى:
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) (102) آية بلا خلاف.
المعنى:
ذكر ابن عباس وطاوس أن هذه الآية محكمة غير منسوخة. وقال قتادة، والربيع، والسدي، وابن زيد: هي منسوخة بقوله. " فاتقوا الله ما استطعتم " (2) وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) لأنهم ذهبوا إلى أنه يدخل فيه القيام بالقسط في حال الخوف، والامن، وأنكر أبو علي الجبائي نسخ الآية وذلك، لان من اتقى جميع معاصيه، فقد اتقى الله حق تقاته. ومثل هذا لا يجوز أن ينسخ، لأنه إباحة لبعض المعاصي. قال الرماني: والذي عندي أنه إذا وجه على " اتقوا الله حق تقاته " بأن تقوموا له بالحق في الخوف والامن لم يدخل عليه ما ذكره أبو علي. وهذا صحيح، لأنه لا يمتنع أن يكون أوجب عليهم أن يتقوا الله على كل حال ثم أباح ترك الواجب عند الخوف على النفس، كما قال: " إلا من أكره وقلبه مطمئن الايمان " (3) وأنكر البلخي أيضا نسخ الآية وقال: لان في ذلك ايجاب الامر بما لا يستطاع. قال الرماني: وهذا أيضا لا يلزم، لان " وما استطعتم " إنما هو من غير تحمل مشقة بتحريم التقية.