الثاني - مصدقا أنه يخبر بصدق الأنبياء في ما أتوا به خلاف من يؤمن ببعض، ويكفر ببعض. والتوراة مأخوذة من وريت بك زنادي إذا ظهر به الخبر كما يتقدح بالزناد النار فالأصل الظهور، فهي تورية لظهور الحق. وقيل في وريها أقوال:
أحدها - قال البصريون تورية فوعلة فقلبت (الواو) الأولى (تاء) لئلا يجتمع واوان أول الكلمة نحو حوقلة ودوخلة. والثاني - قال الكوفيون: تفعلة على وزن تثقلة وتثقلة، وهو قليل جدا لا يكاد يعرف تفعلة في الكلام. الثالث - قال بعضهم هو تفعلة إلا أنه صرف إلى الفتح استثقالا للكسر في المعتل وهو بناء يكثر نحو توفية وتوقية وتوصية، وما أشبه ذلك. قال الزجاج: وهذا ردئ لأنه يجئ منه في توفية توفاة وهذا لا يجوز. والإنجيل مأخوذ من النجل، وهو الأصل وقال الزجاج وزنه أفعيل من النجل باجماع أهل اللغة فسمي إنجيلا لأنه أصل من أصول العلم.
قوله تعالى:
(من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام) (4).
المعنى:
قوله: " من قبل " أي من قبل إنزال الكتاب فلما قطعه عن الإضافة نبأه على الضم. وقوله: " هدى للناس " أي بيانا ودلالة لهم، وفي ذلك دلالة على أن الله تعالى هدى الكافر إلى الايمان، كما هدى المؤمن بقوله " للناس "، بخلاف ما تقوله المجبرة: إن الله ما هدى الكافر، وموضع (هدى) نصب على الحال من الكتاب وقوله: (وأنزل الفرقان) يعني به القرآن وإنما كرر ذلك لما اختلفت دلالات صفاته وإن كانت لموصوف واحد لان لكل صفة منها فائدة غير الأخرى لان الفرقان هو الذي يفرق به بين الحق والباطل فيما يحتاج إليه من أمور الدين في الحجج،