" وإنما أنت منذر من يخشاها " (1) وإن كان منذرا لجميعهم،، والذي يقوى ذلك قوله: " وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى " (2) فبين أنه هداهم. وإنما لم يهتدوا، فكيف يجوز أن تحمل الهداية على نصب الدلالة، وإقامة الحجة على قوم دون قوم. والفرق بين: هدى المؤمنين إلى الايمان، وبين أنعم عليهم بالايمان، قال الجبائي: إن الهدى للايمان غير الايمان، والانعام بالايمان هو نفس الايمان. والصحيح أنه هداه بالايمان يجري مجرى قوله: أنعم عليه بالايمان لأنه يراد بذلك التمكين منه. والاقتدار عليه والدعاء إليه ولا يراد به نفس الايمان.
وقوله: " والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم " أي إلى طريق الدين الواضح.
واختلفوا في الأمة المعنية بهذه الآية، فقال ابن عباس، وقتادة: هم الذين كانوا بين عاد، ونوح، وهم عشر فرق كلهم كانوا على شريعة من الحق، فاختلفوا بعد ذلك. فالتقدير - على قول هؤلاء - كان الناس أمة واحدة فاختلفوا فبعث الله النبيين. وقال مجاهد: المراد بالآية آدم، فبعث النبيين إلى ولده، لما اختلفوا. وقال أبي بن كعب، والربيع: كان الناس أمة حين استخرجوا من ظهر آدم، فأقروا له بالعبودية، واختلفوا فيما بعد، فبعث الله إليهم النبيين. وقال ابن عباس في رواية أخرى: كانوا أمة واحدة على الكفر، فبعث الله النبيين. قال السدي: كانوا على دين واحد من الحق، فاختلفوا، فبعث الله النبيين. وقال الربيع والطبري: الكتاب الذي اختلفوا فيه التوراة. وقال آخرون كل كتاب أنزل الله مع النبيين.
قوله تعالى:
أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول