يكن أمة أكثر استجابة في الاسلام، من هذه الأمة. فان قيل: لم قيل للحسن معروف مع أن القبيح أيضا يعرف أنه قبيح، ولا يجوز أن يطلق عليه اسم معروف؟ قلنا: لان القبيح بمنزلة ما لا يعرف لخموله وسقوطه. والحسن بمنزلة النبيه الذي يعرف بجلالته وعلو قدره. ويعرف أيضا بالملابسة الظاهرة والمشاهدة فأما القبيح، فلا يستحق هذه المنزلة. وقوله: (ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم) معناه لو صدقوا بالنبي صلى الله عليه وآله وقوله: " منهم المؤمنون " يعني معترفون بما دلت عليه كتبهم في صفة نبينا صلى الله عليه وآله، والبشارة به. وقيل: إنها تناولت من آمن منهم كعبد الله بن سلام، وأخيه، وغيرهما. وقوله: (وأكثرهم الفاسقون) يعني من لم يؤمن منهم، وإنما وصفهم بالفسق دون الكفر الذي هو أعظم، لان الغرض الاشعار بأنهم خرجوا بالفسق عما يوجبه كتابهم من الاقرار بالحق في نبوة النبي صلى الله عليه وآله. وأصل الفسق الخروج. ووجه آخر وهو أنهم في الكفار بمنزلة الفساق في العصاة بخروجهم إلى الحال الفاحشة التي هي أشنع وأفظع من حال من لم يقدم إليه ذكر فيه، وليس في الآية ما يدل على أن الاجماع حجة على ما بيناه في أصول الفقه. وتلخيص الشافي، وجملته أن هذا الخطاب لا يجوز أن يكون المراد به جميع الأمة، لان أكثرها بخلاف هذه الصفة بل فيها من يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف. ومتى كان المراد بها بعض الأمة، فنحن نقول إن في الأمة من هذه صفته، وهو من دل الدليل على عصمته، فمن أين لو أنا، فرضنا فقدهم، لكان إجماعهم حجة واستوفينا هناك ما تقتضيه الأسئلة والجوابات، فلا نطول بذكره ههنا.
قوله تعالى:
(لن يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الادبار ثم لا ينصرون) (111) آية.
النظم:
وجه اتصال هذه الآية بما قبلها اتصال البشارة بالغلبة بما تقدم من الامر