والاتباع: طلب الاتفاق في المقال أو الفعال. أما في المقال، فإذا دعا إلى شئ استجيب له. وأما في الفعال، فإذا فعل شيئا، فعلت مثله.
والعقل مجموعة علوم بها يتمكن من الاستدلال بالشاهد على الغائب. وقال قوم: هو قوة في النفس يمكن بها ذلك. والاهتداء الإصابة لطريق الحق بالعلم.
وفي الآية حجة عليهم من حيث أنهم إذا جاز لهم أن يتبعوا آباءهم فيما لا يدرون أحق هو أم باطل، فلم لا يجوز اتباعهم مع العلم بأنهم مبطلون. وهذا في غاية البطلان.
وفيها دلالة على فساد التقليد، لان الله تعالى ذمهم على تقليد آبائهم، ووبخهم على ذلك. ولو جاز التقليد لم يتوجه إليهم توبيخ، ولا لوم، والامر بخلافه.
قوله تعالى:
ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون (171) آية بلا خلاف.
المعنى:
التشبيه في هذه الآية يحتمل ثلاثة أوجه من التأويل:
أحدها - وهو أحسنها وأقربها إلى الفهم، وأكثرها في باب الفائدة - ما قاله أكثر المفسرين كابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة، والربيع، واختاره الزجاج، والفراء، والطبري، والجبائي، والرماني، وهو المروي عن أبي جعفر (ع) إن مثل الذين كفروا في دعائك إياهم، " كمثل الذين ينعق " أي الناعق في دعائه.
المنعوق به من البهائم التي لا تفهم كالإبل، والبقر، والغنم، لأنها لا تعقل ما يقال لها، وإنما تسمع الصوت. والحذف في مثل هذا حسن. كقولك لمن هو سئ الفهم:
أنت كالحمار، وزيد كالأسد: أي في الشجاعة، لان المعنى في أحد الشيئين أظهر، فيشبه بالآخر ليظهر بظهوره، وهذا باب حسن البيان.
الثاني - حكاه البلخي، وغيره: إن مثل الذين كفروا في دعائهم آلهتهم من