المعنى:
واللام في قوله: " لله " لام الملك ومعناه ان لله تصريف السماوات والأرض وتدبيرهما لقدرته على ذلك وليس لاحد منعه منه وإنما ذكر قوله: (وان تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه) لان المعنى فيه كتمان الشهادة. ويحتمل أن يريد جميع الأحكام التي تقدمت في السورة. خوفهم الله من العمل بخلافها. وقال قوم هذه الآية منسوخة بقوله: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) (1) ورووا في ذلك خبرا ضعيفا، وهذا لا يجوز لامرين:
أحدهما - أن الاخبار التي لا تتضمن معنى الأمر والنهي والإباحة لا يجوز نسخها، وهذا خبر محض خال من ذلك.
الثاني - لا يجوز تكليف نفس ما ليس في وسعها على وجه، فينسخ. ويجوز أن تكون الآية الثانية بينت الأولى وأزالت توهم من صرف ذلك إلى غير وجهه، فلم يضبط الرواية فيه، وظن أن ما يخطر للنفس أو تحدث نفسه به مما لا يتعلق بتكليفه فان الله يؤاخذه به. والامر بخلاف ذلك، وإنما المراد بالآية ما يتناوله الأمر والنهي من الاعتقادات والإرادات وغير ذلك مما هو مستور عنا. فأما مالا يدخل في التكليف فخارج عنه لدلالة العقل. ولقوله (ع) تجوز لهذه الأمة عن نسيانها وما حدثت به أنفسها. وقوله: (فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء) معناه ممن يستحق العقاب بأنه إن شاء عاقبة، وإن شاء عفا عنه. وذلك يقوي جواز العفو عقلا، وإنما يقطع على عقاب بعض العصاة لدليل، وهم الكفار - عندنا - فأما من عداهم فلا دليل يقطع به على أنهم معاقبون لا محالة. والآيات التي يستدلون بها نبين الوجه فيها إذا انتهينا إليها إن شاء الله.
قوله تعالى:
(آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن