قلنا عنه جوابان:
أحدهما - إن ذلك يجري مجرى قولهم: أخرجني والدي من ميراثه. ولم يدخل فيه، وإنما ذلك لأنه لو لم يفعل ما فعل، لدخل فيه، فهو لذلك بمنزلة الداخل فيه الذي أخرج منه. قال الغنوي:
فان تكن الأيام أحسن مرة * إلي فقد عادت لهن ذنوب (1) ولم يكن لها ذنوب قبل ذلك.
والوجه الثاني - قال مجاهد: إنه في قوم ارتدوا عن الاسلام، والأول أليق بمذهبنا، لان عندنا لا يجوز أن يرتد المؤمن على الحقيقة، وإنما قال " يخرجونهم " على لفظ الجمع. فإن كان الطاغوت واحدا لأنه في معنى جميع كما قال العباس بن مرداس:
فقلنا: أسلموا انا أخوكم * فقد برئت من الإحن الصدور (2) وإنما جاز ذلك في الخفض، لان كل واحد يقوم مقام الاخر فصار ذكر واحد ينوب عن جميعه، فأما ما يميز بالخلقة وصار بمنزلة الأشياء المختلفة فقياسه أن يجمع، كرجل ورجال. وإنما حسن في الطاغوت، لان جميعه يجري مجرى واحد في الضلال.
وفي الآية دليل على فساد قول المجبرة في المخلوق، والإرادة، لأنه تعالى نسب الاخراج من نور الهدى إلى ظلمة الكفر والضلال إلى الطاغوت منكرا لتلك الحال، ولم يكن لينكر شيئا أراده ولا يغيب شيئا عنه فعله (تعالى الله) عن ذلك.
قوله تعالى:
ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال