بالفاء دون (ثم)، لأنها للتراخي بين الشيئين، وذلك نحو قولك إن تأتني، فلك درهم، فوجوب الدرهم بالاتيان عقيبه بلا فصل. وإنما جاز وقوع الماضي موقع المستقبل في الجزاء ولم يجز في قام زيدا غدا، لان حرف الجزاء، لما كان يعمل في الفعل قوي على نقله من الماضي إلى الاستقبال، وليس كذلك (غد) وما أشبهه مما يدل على الاستقبال، لأنه نظير الفعل في الدلالة من غير عمل يوجب القوة، فلذلك جرى على المناقضة.
قوله تعالى:
(أفغير دين الله تبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه ترجعون) (83). آية.
القراءة، والحجة، والاعراب:
قرأ أهل البصرة، وحفص يبغون بالياء. الباقون بالتاء. وقرأ يعقوب وحفص وإليه يرجعون بالياء. وكسر يعقوب الجيم، وفتح الياء. فمن قرأ بالياء أراد الاخبار عن اليهود وغيرهم من المشركين والتاء لجميع المكلفين. ومن قرأ بالتاء فيهما، فعلى الخطاب، فيهما. قوله: " أفغير دين الله " عطف جملة على جملة مثلها لو قيل أو غير دين الله يبغون إلا أن الفاء رتبت. كأنه قيل أبعد تلك الآيات غير دين الله تبغون أي تطلبون.
المعنى:
وقوله: (وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها) قيل في معناه ستة أقوال:
أولها - قال ابن عباس: أسلم من في السماوات والأرض بالحالة الناطقة عنه الدالة عليه عند أخذ الميثاق عليهم.