المتكلم، فعلنا ولا يجوز للواحد المخاطب فعلتم. والفرق بينهما: أن الكلام بالجملة الواحدة يصح بجماعة مخاطبين، ولا يصح الكلام بالجملة الواحدة بجماعة متكلمين.
فلذلك جاز في فعلنا في الواحد للتفخيم، لأنه لا يصح أن يكون خطابا للجماعة فلم يصرف عنهم. بغير قرينة لما يدخله من الالباس في مفهوم العبارة. وقوله:
" وما أنزل علينا " في الاخبار عن المسلمين إنما جاز ذلك، وإن كان قد أنزل على النبي صلى الله عليه وآله، لان التقدير أنزل علينا على لسان نبينا كما تقول: أمرنا به ونهينا عنه - على لسان نبينا -، ومثل ذلك ما قاله في سورة البقرة من قوله: " قولوا آمنا بالله وما أنزل علينا " (1) وقال بعضهم: لا يجوز أن يكون ذلك إلا إخبارا عن النبي صلى الله عليه وآله الذي أنزل عليه، وهذا غلط، لان الآية الأخرى تشهد بخلافه. فان قيل: ما معنى قوله: " ونحن له مسلمون " بعد الاقرار بالايمان على التفصيل؟
قيل: معناه ونحن له مستسلمون بالطاعة في جميع ما أمر به، ودعا إليه. ولان أهل الملل المخالفة، تعترف بصفة مؤمن، وينتفي من صفة مسلم.
قوله تعالى:
" ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين " (85) آية واحدة.
اللغة، والنزول، والمعنى:
الابتغاء: الطلب تقول: بغى فلان كذا أي طلبه، ومنه بغى فلان على فلان: إذا طلب الاستعلاء عليه ظلما ومنه البغي: الفاجرة، لطلبها الزنى. ومنه ينبغي كذا، لأنه حقيق بالطلب. والاسلام: هو الاستسلام لامر الله بطاعته فيما دعا إليه، فكل ذلك اسلام، وان اختلفت فيه الشرائع، وتفرقت المذاهب، لان مبتغيه دينا ناج، ومبتغي غيره دينا هالك. والايمان، والاسلام واحد.