فشأن إبراهيم على قول السدي وأبي علي. وقوله: " والله يعلم " يعني شأن إبراهيم وكلما ليس عليه دليل، لأنه علام الغيوب العالم بغير تعليم " وأنتم لا تعلمون " ذلك، فينبغي أن تلتمسوا حقه من باطله من جهة عالم به. قال أبو علي الفارسي: وجه قراء؟ ابن كثير أنه أبدل من الهمزة هاء والتقدير أأنتم، فأبدل من همزة الاستفهام هاء، وذلك جائز. قال: ولا يجوز على هذا أن تكون (ها) للتنبيه. وحذف الألف منها في مثل هلم، لان الحذف إنما يجوز إذا كان فيها تضعيف.
قوله تعالى:
(ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين) (67) آية.
المعنى:
ذكر الحسن، وقتادة، وعامر، وهو المروي عن أبي جعفر (ع): أن اليهود قالت: كان إبراهيم يهوديا، وقالت النصارى كان نصرانيا، فأكذبهم الله في ذلك بانزال هذه الآية. فان قيل: هل كان الله تعبد باليهودية والنصرانية ثم نسخها أم لا؟ قلنا: كان الذي بعثه الله به شرع موسى ثم شرع عيسى ثم نسخهما فأما اليهودية والنصرانية فصفتا ذم قد دل القرآن والاجماع على ذلك، لان موسى لم يكن يهوديا، وعيسى لم يكن نصرانيا، لقوله تعالى: " ان الدين عند الله الاسلام " واليهودية ملة محرفة عن شرع موسى وكذلك النصرانية محرفة عن شرع عيسى. وقيل في أصل الصفة بيهود قولان:
أحدهما - أنهم ولد يهود. والاخر - أنه مأخوذ من هاد يهود إذا رجع.
وفي النصارى قولان:
أحدهما - أنه مأخوذ من ناصرة قرية بالشام. والاخر - أنه من نصر المسيح. وكيف تصرفت الحال فقد صارتا صفتي ذم تجريان على فرقتين ضالتين.