يجوز أن يكفر المؤمن بعد إيمانه أو يفعل في المستقبل كبيرة يحبط ثواب إيمانه، وهذا لا يصح على مذهبنا في الموافات. وما قاله الجبائي يلزم عليه وجوب مالا نهاية له، لأنه إذا وجب عليه أن يعلم أنه فعل ما وجب عليه بعلم آخر، وذلك العلم مما وجب عليه أيضا فيجب ذلك بعلم آخر، وفي ذلك التسلسل.
وإنما ضم إلى صفة الايمان غيره في اعتبار الرجاء للرحمة ترغيبا في كل خصلة من تلك الخصال، لأنها من علامات الفلاح. فأما الوعد، فعلى كل واحدة منها إذا سلمت مما يبطلها. وقال الحسن: الرجاء، والطمع هاهنا على الايمان إذا سلم العمل. وذكر الجبائي: أن هذه الآية تدل على أنه لا يجوز لاحد أن يشهد لنفسه بالجنة، لان الرجاء لا يكون إلا مع الشك، وقد بين الله تعالى: أن صفة المؤمن الرجاء للرحمة، لا القطع عليها لا محالة.
ووجه اتصال هذه الآية بما قبلها هو أنه لما ذكر في الأولى العذاب، ذكر بعدها آية الرحمة، ليكون العبد بين الخوف والرجاء إذ ذلك أو كد في الاستدعاء، وأحق بتدبير الحكماء.
وكتبت " رحمة الله " بالتاء في المصحف على الوصل، والاقيس بالهاء على الوقف، كما كتب " يدع الداع " (1) و " يقضي بالحق " (2) " واضرب لهم مثلا " (3) كل ذلك على الوقف.
قوله تعالى:
يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون (219)