أمر دينهم ودنياهم شبه البيان الذي يأتي بالبيان الماضي، والبيان: هو الأدلة التي يفرق بها بين الحق، والباطل. وعبر عنه بأنه فعل يظهر به أمر على طريقة حسنة، وليس كلما يظهر به غيره ما لا يأتيه. وقد يكون ذلك بكلام فاسد يفهم به المراد، فلا يستحق صفة بيان. والآية هي العلامة فيما كان من الأمور العظيمة، لان في الآية تفخيما ليس في العلامة. وقوله: " لعلكم تعقلون " معناه: لكي تعقلوا آيات الله بالبيان عنها. والعقل مجموع علوم ضرورية يميز بها بين القبيح، والحسن، ويمكن معها الاستدلال بالشاهد على الغائب.
قوله تعالى:
ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون (243) آية واحدة بلا خلاف.
المعنى:
معنى " ألم تر " ألم تعلم، لان الرؤية مشتركة بين العلم - وهي رؤية القلب - وبين رؤية القلب. وقيل في معنى قوله: " وهم ألوف " قولان:
أحدهما - أن معناه: الكثرة، فكأنه: وهم أكثر الناس، ذهب إليه ابن عباس، والضحاك، والحسن. وقال ابن زيد: معناه هم مؤتلفوا القلوب، لم يخرجوا عن تباغض. ومن قال: المراد به العدد الكثير، اختلفوا، فقال ابن عباس: كانوا أربعين ألفا. وقال قوم: أربعة آلاف. وقال آخرون: ثمانية آلاف. وقال السدي:
بضعة وثلاثون ألفا. والذي يقضي به الظاهر: أنهم أكثر من عشرة آلاف، لان بناء (فعول) للكثير، وهو ما زادا على العشرة. فأما ما نقص، فيقال فيه:
آلاف على وزن (أفعال) نحو عشرة آلاف ولا يقال: عشرة ألوف. وقال الحسن،