وقوله: " ولا تكتموا الشهادة " يعني بعد تحملها " ومن يكتمها فإنه آثم قلبه " إنما أضاف إلى القلب مجازا، لأنه محل الكتمان، وإلا فالاثم هو الحي.
وقوله: " فان أمن بعضكم بعضا " معناه ان أتمنه فلم يقبض منه رهنا " فليؤد الذي أو تمن أمانته " يعني الذي عليه الدين " وليتق الله ربه " أن يظلمه أن يخونه " والله بما تعملون عليم " بما تسرونه وتكتمونه.
ودل قوله: " فان أمن بعضكم بعضا) على أن الاشهاد والكتابة في المداينة ليس بواجب، وإنما هو على جهة الاحتياط. وقد روي عن ابن عباس، ومجاهد، وغيرهما (فإن لم تجدوا كتابا) يعني ما تكتبون فيه من طرس أو غيره. والمشهور هو الأول الذي حكيناه عن قرأ أهل الأمصار، وحكي عن بعضهم أنه قرأ " فإنه آثم قلبه " بالنصب فان صح فهو من قولهم: سفهت نفسك وأثمت قلبك.
قوله تعالى:
(لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أن تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شئ قدير) (284) آية واحدة بلا خلاف.
القراءة:
قرأ " فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء " بالرفع عاصم، وابن عامر على الاستئناف في قول المبرد. ويجوز أن يكون محمولا على تأويل " يحاسبكم " لأنه لو دخلته الفاء كان رفعا، فيكون فيه على هذا معنى الجواب. وقرأ الباقون على الجزم: عطفا على " يحاسبكم " وهو جواب الشرط، وكان يجوز أن يقرأ فيغفر بالنصب على مصدر الفعل الأول وتقديره إن يكن محاسبة، فيغفر لمن يشاء.
وروي ذلك عن أبن عباس.