أحدهما - أن يكون انصرف من الغيبة إلى الخطاب، كما قال: " الحمد الله " (1) ثم قال: " إياك نعبد " (2)، وقال: " ما أتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم؟ " (3) ونظائر ذلك كثيرة.
والاخر - أن يكون الخطاب في قوله: " فان خفتم " مصروفا إلى الولاة، والفقهاء الذين يقومون بأمور الكافة، وجاز أن يكون الخطاب للكثرة في من جعله انصرافا من الغيبة إلى الخطاب، لان ضمير الاثنين في " يخافا " ليس يراد به اثنان مخصوصان، وإنما يراد كل من كان هذا شأنه، فهذا حكمه.
وأما من قرأ بالفتح، فالمعنى أنه إذا خاف: من كل واحد من الزوج والمرأة " ألا يقيما حدود الله " حل الافتداء، ولا يحتاج في قولهم إلى تقدير الجار، لان الفصل يقتضي مفعولا يتعدى إليه، كما اقتضى في قوله: " فلا تخافوهم وخافون " (4) ولابد من تقدير الجار في قراءة من ضم الياء، لان الفعل قد استند إلى المفعول، فلا يتعدى إلى المفعول الاخر إلا بالجار. قال أبو علي: فأما ما قاله الفراء في قول حمزة " إلا أن يخافا " من أنه اعتبر قراءة عبد الله " إلا أن يخافوا " فلم ينصبه، لان الخوف في قول عبد الله واقع على (أن). وفي قراءة حمزة على الرجل، والمرأة، وحال الخوف التي معه.
المعنى:
" ألا يقيما حدود الله " قال ابن عباس وعروة والضحاك: هو نشوز المرأة بغضا للزوج. وقال الشعبي هو نشوزها ونشوزه، والذي روي عن أبي عبد الله (ع) أنه إذا خاف أن تعصي الله فيه بارتكاب محضور، واخلال بواجب، وألا تطيعه فيما يجب عليها، فحينئذ يحل له أن يخلعها، ومثله روي عن الحسن. وقيل: إن الخوف من الاخلال بالحقوق التي تجب لكل واحد منهما على صاحبه، وحسن العشرة وجميل الصحبة.