ومن ضم الياء، فتقديره: إلا أن يخافا على أن يقيما حدود الله. وقال أبو عبيدة " إلا أن يخافا " معناه: يوقنا، " فان خفتم " معناه فان أيقنتم. وقال أبو علي الفارسي: خاف فعل يتعدى إلى مفعول واحد، وذلك المفعول تارة يكون (أن) وصلتها، وأخري غيرها، فأما تعديه إلى غير (أن) فنحو قوله: " تخافونهم كخيفتكم أنفسكم " (1). وتعديته إلى (أن) كقوله: " تخافون أن يتخطفكم الناس " (2) وقوله: " أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله " (3) فان عديته إلى مفعول بأن ضعفت العين، أو اجتلبت حرف الجر كقولك: خوفت ضعف الناس قولهم، وحرف الجر كقوله:
لو خافك الله عليه حرمه ومن ذلك قوله: " إنما الشيطان يخوف أولياءه " (4) فيخوف قد حذف معه مفعول يقتضيه تقديره يخوف المؤمنين بأولياءه، فحذف المفعول، والجار، فوصل الفعل إلى المفعول الثاني، ألا ترى أنه لا يخوف أولياءه على حد قولك خوفت اللص، وإنما يخوف غيرهم مما لا استنصار لديهم، ومثله فإذا خفت عليه بمنزلة المحذوف من قوله: " أولياءه " فإذا كان تعدي هذا الفعل على ما وصفنا، فقول حمزة " إلا أن يخافا "، مستقيم لأنه لما بني الفعل للمفعول به اسند الفعل إليه، فلم يبق شئ يتعدى إليه، وأما (أن) من قوله: " ألا يقيما حدود الله "، فان الفعل يتعدى إليه بالجار، كما تعدى بالجار في قوله:
لو خافك الله عليه حرمه وموضع أن في الآية جر بالجار المقدر، على قول الخليل، والكسائي. ونصب، في قول سيبويه، وأصحابه، لأنه لما حذف الجار، وصل الفعل إلى المفعول الثاني، مثل استغفر الله ذنبا، وامرأتك الخير، فقوله مستقيم على ما رأيت. فان قال قائل:
لو كان يخافا كما قد أخبره، لكان ينبغي أن يكون فان خيفا! قيل لا يلزمه هذا السؤال لامرين: