وفشا النهي وقام الأشتر، فلا أدري يومئذ أم يوما آخر، فقال: لعله قد مكر به وبكم، قال: فوطئه الناس حتى لقي كذا وكذا، ثم إنه أشرف عليهم مرة أخرى فوعظهم وذكرهم، فلم تأخذ فيهم الموعظة، وكان الناس تأخذ فيهم الموعظة أول ما يسمعونها، فإذا أعيدت عليهم لم تأخذ فيهم الموعظة، ثم فتح الباب ووضع المصحف بين يديه، قال:
فحدثنا الحسن أن محمد بن أبي بكر دخل عليه فأخذ بلحيته، فقال له عثمان: لقد أخذت مني مأخذا - أو قعدت مني مقعدا - ما كان أبو بكر ليأخذه - أو ليقعده -، قال: فخرج وتركه، قال: وفي حديث أبي سعيد: فدخل عليه رجل فقال: بيني وبينك كتاب الله، فخرج وتركه، ودخل عليه رجل يقال له (الموت الأسود) فخنقه وخنقه ثم خرج، فقال:
والله ما رأيت شيئا قط هو ألين من حلقه، والله لقد خنقته حتى رأيت نفسه مثل نفس الجان تردد في جسده، ثم دخل عليه آخر، فقال بيني وبينك كتاب الله والمصحف بين يديه، فأهوى إليه بالسيف فاتقاه بيده فقطعها فلا أدري أبانها، أو قطعها فلم يبنها، فقال: أما والله إنها لأول كف خطت المفصل، وحدثت في غير حديث أبي سعيد: فدخل عليه التجيبي فأشعره بمشقص، فانتضح الدم على هذه الآية * (فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم) * وإنها في المصحف ما حكت، وأخذت بنت القرافصة - في حديث أبي سعيد - حليها فوضعته في حجرها، وذلك قبل أن يقتل، فلما أشعر أو قتل تجافت - أو تفاجت - عليه، فقال بعضهم: قاتلها الله ما أعظم عجيزتها، فعرفت أن أعداء الله لم يريدوا إلى الدنيا.
(38) قال وحدثنا أبو بكر قال حدثنا عفان قال حدثنا أبو محصن أخو حماد بن نمير رجل من أهل واسط، قال: حدثنا حصين بن عبد الرحمن قال حدثني جهم رجل من بني فهر، قال: أنا شاهد هذا الامر، قال: جاء سعد وعمار فأرسلوا إلى عثمان إن أتينا، فإنا نريد أن نذكر لك أشياء أحدثتها أو أشياء فعلتها، قال: فأرسل إليهم أن انصرفوا اليوم، فإني مشتغل وميعادكم يوم كذا وكذا حتى أشرن، قال أبو محصن: أشرن: أستعد لخصومتكم، قال: فانصرف سعد وأبي عمار أن ينصرف، قالها أبو محصن مرتين، قال:
فتناوله رسول عثمان فضربه، قال: فلما اجتمعوا للميعاد ومن معهم قال لهم عثمان ما تنقمون مني؟ قالوا: ننقم عليك ضربك عمارا، قال: قال عثمان: جاء عثمان: جاء سعد وعمار فأرسلت إليهما، فانصرف سعد وأبى عمار أن ينصرف، فتناوله رسول من غير أمري، فوالله ما