أمرت ولا رضيت، فهذه يدي لعمار فيصطبر، قال أبو محصن: يعني: يقتص، قالوا: ننقم عليك إنك جعلت الحروف حرفا واحدا، قال: جاءني حذيفة فقال: ما كنت صانعا إذا قيل: قراءة فلان وقراءة فلان وقراءة فلان، كما اختلف أهل الكتاب، فأن يك صوابا فمن الله، وإن يك خطأ فمن حذيفة، قالوا: ننقم عليك إنك حميت الحمى، قال: جاءتني قريش فقالت: إنه ليس من العرب قوم إلا لهم حمى يرعون فيه غيرها، فقلت ذلك لهم، فإن رضيتم فأقروا، وإن كرهتم فغيروا، أو قال لا تقروا - شك أبو محصن، قالوا: وتنقم عليك أنك استعملت السفهاء أقاربك [قال] فليقم أهل كل مصر يسألوني صاحبهم الذي يحبونه فأستعمله عليهم وأعزل عنهم الذي يكرهون، قال: فقال أهل البصرة: رضينا بعبد الله بن عامر، فأقره علينا، وقال أهل الكوفة: أعزل سعيدا، وقال الوليد - شك أبو محصن: استعمل علينا أبا موسى ففعل، قال: وقال أهل الشام: قد رضينا بمعاوية فأقره علينا، وقال أهل مصر: اعزل عنا ابن أبي سرح، واستعمل علينا عمرو بن العاص، ففعل، قال: فما جاءوا بشئ إلا خرج منه قال: فانصرفوا راضين، فبينما بعضهم في بعض الطريق إذ مر بهم راكب فاتهموه ففتشوه فأصابوا معه كتابا في أداوة إلى عاملهم أن خذ فلانا وفلانا فاضرب أعناقهم، قال: فرجعوا فبدأوا بعلي فجاء معهم إلى عثمان، فقالوا:
هذا كتابك وهذا خاتمك، فقال عثمان: والله ما كتبت ولا علمت ولا أمرت، قال: فما تظن؟ قال أبو محصن: تتهم، قال: أظن كاتبي غدر وأظنك به يا علي، قال: فقال له علي:
ولم تظنني بذاك؟ قال: لأنك مطاع عند القوم، قال: ثم لم تردهم عني، قال: فأبى القوم وألحوا عليه حتى حصروه، قال: فأشرف عليهم وقال: بم تستحلون دمي؟ فوالله ما حل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: مرتد عن الاسلام أو ثيب زان أو قاتل نفس، فوالله ما علمت شيئا منهن منذ أسلمت، قال: فألح القوم عليه، قال: وناشد عثمان الناس أن لا تراق فيه محجمة من دم، فلقد رأيت ابن الزبير يخرج عليهم في كتيبة حتى يهزمهم، لو شاءوا أن يقتلوا منهم لقتلوا، قال: ورأيت سعيد بن الأسود البختري وإنه ليضرب رجلا بعرض السيف لو شاء أن يقتله لقتله، ولكن عثمان عزم على الناس فأمسكوا، قال: فدخل عليه أبو عمرو بن بديل الخزاعي التجيبي، قال فطعنه أحدهما بمشقص في أوداجه وعلاه الآخر بالسيف فقتلوه، ثم انطلقوا هرابا يسيرون بالليل ويكمنون بالنهار حتى أتوا بلدا بين مصر والشام، قال فمكنوا في غار، قال: فجاء نبطي من تلك البلاد معه حمار، قال:
فدخل ذباب في منخر الحمار، قال: فنفر حتى دخل عليهم الغار، وطلبه صاحبه فرآهم:
فانطلق إلى عامل معاوية، قال: فأخبره بهم، قال: فأخذهم معاوية فضرب أعناقهم.