(27) غزوة الخندق (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن عمرو عن أبيه عن جده عن عائشة قالت: خرجت يوم الخندق أقفوا آثار الناس، فسمعت وئيد الأرض ورائي فالتفت فإذا أنا بسعد بن معاذ ومعه ابن أخيه الحارث بن أوس، يحمل مجنه، فجلست إلى الأرض، قالت: فمر سعد وعليه درع قد خرجت منها أطرافه، فأنا أتخوف على أطراف سعد، قالت: وكان من أعظم الناس وأطولهم، قالت: فمر يرتجز وهو يقول:
لبث قليلا يدرك الهيجا حمل * ما أحسن الموت إذا حان الاجل قالت: فقمت فاقتحمت حديقة، فإذا فيها نفر من المسلمين فيهم عمر بن الخطاب وفيهم رجل عليه تسبغة له - تعني المغفر، قال: فقال عمر، ويحك ما جاء بك؟ ويحك ما جاء بك؟ والله إنك لجريئة، ما يؤمنك أن يكون تحوز وبلاء، قالت: فما زال يلومني حتى تمنيت أن الأرض انشقت فدخلت فيها، قال: فرفع الرجل التسبغة عن وجهه فإذا طلحة ابن عبيد الله، قال فقال: يا عمر! ويحك قد أكثرت منذ اليوم، وأين التحوز أو الفرار إلا إلى الله، قالت: ويرمي سعدا رجل من المشركين من قريش يقال له حبان بن العرقة بسهم، فقال: خذها وأنا ابن العرقة، فأصاب أكحله فقطعه فدعا الله فقال: اللهم لا تمتني حتى تقر عيني من قريظة - وكانوا حلفاءه ومواليه في الجاهلية - فرقأ كلمه، وبعث الله الريح على المشركين * (فكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا) * فلحق أبو سفيان بتهامة، ولحق عيينة بن بدر بن حصن ومن معه بنجد، ورجعت بنو قريظة فتحصنوا في صياصيهم، ورجع رسول الله (ص) إلى المدينة فأمر بقبة فضربت على سعد في المسجد ووضع السلاح، قالت: فأتاه جبريل فقال: أقد وضعت السلاح، والله ما وضعت الملائكة السلاح، فأخرج إلى بني قريظة فقاتلهم، فأمر رسول الله (ص) بالرحيل ولبس لامته، فخرج فمر على بني غنم، وكانوا جيران المسجد، فقال: من مر بكم؟ فقالوا: مر بنا دحية الكلبي، وكان دحية تشبه لحيته وسنته ووجهه بجبريل، فأتاهم رسول الله (ص) فحاصرهم خمسة وعشرين يوما، فلما اشتد حصرهم واشتد البلاء عليهم قيل لهم: انزلوا على حكم رسول الله (ص)، فاستشاروا أبا لبابة فأشار إليهم بيده أنه الذبح، فقالوا: نزل