هذا المال لمن قاتل عليه ولهذه الشيوخ من أصحاب محمد (ص)، فرضوا، وأقبلوا معه إلى المدينة راضين، فقام فخطب فقال: والله إني ما رأيت وفد أهم خير لحوباتي من هذا الوفد الذين قدموا علي، وقال مرة أخرى: حسبت أنه قال: من هذا الوفد من أهل مصر، ألا من كان له زرع فليلحق بزرعه، ومن كان له ضرع فليحتلب، ألا إنه لا مال لكم عندنا، إنما هذا المال لمن قاتل عليه، ولهذه الشيوخ من أصحاب محمد (ص)، فغضب الناس وقالوا: هذا مكر بني أمية، ثم رجع الوفد المصريون راضين، فبينما هم في الطريق [إذ] براكب يتعرض لهم ثم يفارقهم ثم يرجع إليهم ثم يفارقهم ويسبهم، فقالوا له: إن لك لأمرا ما شأنك؟ قال: أنا رسول أمير المؤمنين إلى عامله بمصر ففتشوه فإذا بكتاب على لسان عثمان، عليه خاتمه إلى عامل مصر أن يصلبهم أو يقتلهم أو يقطع أيديهم وأرجلهم فأقبلوا حتى قدموا المدينة، فأتوا عليا فقالوا: ألم تر إلى عدو الله، أمر فينا بكذا وكذا، والله قد أحل دمه قم معنا إليه، فقال: لا والله، لا أقوم معكم، قالوا: فلم كتبت إلينا، قال: لا والله ما كتبت إليكم كتابا قط، قال: فنظر بعضهم إلى بعض، ثم قال بعضهم لبعض:
ألهذا تقاتلون أو لهذا تغضبون، وانطلق علي فخرج من المدينة إلى قرية - أو قرية له - فانطلقوا حتى دخلوا على عثمان فقالوا: كتبت فينا بكذا وكذا، فقال: إنما هما اثنتان: أن تقيموا علي رجلين من المسلمين أو يميني: بالله الذي لا إله إلا هو، ما كتبت ولا أمليت، وقد تعلمون أن الكتاب يكتب على لسان الرجل وقد ينقش الخاتم على الخاتم، فقالوا له:
قد والله أحل الله دمك، ونقض العهد والميثاق، قال: فحصروه في القصر، فأشرف عليهم فقال: السلام عليكم، قال: فما أسمع أحدا رد السلام إلا أن يرد رجل في نفسه، فقال:
أنشدكم بالله، هل علمتم أني اشتريت رومة بمالي لأستعذب بها، فجعلت رشائي فيها كرشاء رجل من المسلمين، فقيل: نعم، فقال: فعلام تمنعوني أن أشرب منها حتى أفطر على ماء البحر، قال: أنشدكم بالله، هل علمتم أني اشتريت كذا وكذا من الأرض فزدته في المسجد، قيل: نعم، قال: فهل علمتم أحدا من الناس منع أن يصلي فيه، قيل: نعم، قال:
فأنشدكم بالله هل سمعتم نبي الله عليه السلام - فذكر كذا وكذا شيئا من شأنه، وذكر أرى كتابة المفصل، قال: ففشا النهي، وجعل الناس يقولون: مهلا عن أمير المؤمنين،