فأرسله إليهم فخرج عثمان على راحلته حتى جاء عسكر المشركين، فعتبوا به وأساءوا له القول، ثم أجاره أبان بن سعيد بن العاص ابن عمه وحمله على السرج وردفه، فلما قدم قال يا ابن عم! ما لي أراك متخشعا أسبل، قال: وكان إزاره إلى نصف ساقيه، فقال له عثمان: هكذا إزرة صاحبنا، فلم يدع أحدا بمكة من أسارى المسلمين إلا أبلغهم ما قال رسول الله (ص)، قال سلمة: فبينما نحن قائلون نادى منادي رسول الله (ص): أيها الناس!
البيعة البيعة، نزل روح القدس، قال: فثرنا إلى رسول الله (ص): وهو تحت شجرة سمرة فبايعناه، وذلك قول الله * (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) * قال: فبايع لعثمان إحدى يديه على الأخرى، فقال الناس: هنيئا لأبي عبد الله! يطوف بالبيت ونحن ههنا، فقال رسول الله (ص): (لو مكث كذا وكذا سنة ما طاف حتى أطوف).
(16) حدثنا يحيى بن سعيد عن محمد بن أبي يحيى عن أبيه عن أبي سعيد قال: قال رسول الله (ص) يوم الحديبية: (لا توقدوا نارا بليل، ثم قال: أقدوا واصطنعوا فإنه لن يدرك قوم بعدكم مدكم ولا صاعكم).
(17) حدثنا ابن إدريس عن حصين عن سالم عن جابر قال: أصاب الناس عطش يوم الحديبية، قال: فهش الناس إلى رسول الله (ص)، قال: فوضع يده في الركوة، فرأيت الماء مثل العيون، قال: قلت: كم كنتم؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا خمس عشرة مائة.
(18) حدثنا خالد بن مخلد قال حدثنا عبد الرحمن بن عبد العزيز الأنصاري قال حدثني ابن شهاب قال حدثني عروة بن الزبير أن رسول الله (ص) خرج عام الحديبية في ألف ثمانمائة، وبعث بين يديه عينا له من خزاعة يدعى ناجية يأتيه بخبر القوم، حتى نزل رسول الله (ص) غديرا بعسفان يقال له غدير الأسطاط فلقيه عينه بغدير الأسطاط فقال:
يا محمد! تركت قومك كعب بن لؤي وعامر بن لؤي قد استنفروا لك الأحابيش ومن أطاعهم قد سمعوا بمسيرك، وتركت عبدانهم يطعمون الخزير في دورهم، وهذا خالد بن الوليد في خيل بعثوه، فقام رسول الله (ص) فقال: (ماذا تقولون؟ ماذا ترون؟ أشيروا علي، قد جاءكم خبر قريش مرتين وما صنعت، فهذا خالد بن الوليد بالغميم، قال