لكم الناس في المجامع، فلما لم ينصروكم أتيتكم بأهلي حتى نزلت معكم إرادة أن أواسيكم، والله ما أحب الحياة بعدكم، تعلمن أن الرجل قد عرض نصفا فاقبلوه، تعلمن أني قد قدمت على الملوك، ورأيت العظماء فأقسم بالله إن رأيت ملكا ولا عظيما أعظم في أصحابه منه، لن يتكلم منهم رجل حتى يستأذنه، فإن هو أذن له تكلم، وإن لم يأذن له سكت، ثم إنه ليتوضأ فيبتدرون وضوءه ويصبونه على رؤوسهم، يتخذونه حنانا، فلما سمعوا مقالته أرسلوا إليه سهيل بن عمرو ومكرز بن حفص فقالوا: انطلقوا إلى محمد فإن أعطاكم ما ذكر عروة فقاضياه على أن يرجع عامه هذا عنا، ولا يخلص إلى البيت، حتى يسمع من يسمع بمسيره من العرب أنا قد صددناه، فخرج سهيل ومكرز حتى أتياه وذكرا ذلك له، فأعطاهما الذي سألا فقال: اكتبوا (بسم الله الرحمن الرحيم) قالوا: والله لا نكتب هذا أبدا، قال: فكيف؟ قالوا: نكتب (باسمك اللهم) قال: وهذه فاكتبوها، فكتبوها، ثم قال:
أكتب (هذا ما قاضي عليه محمد رسول الله (ص)) فقالوا: والله ما نختلف إلا في هذا، فقال: ما أكتب؟ فقالوا: انتسب فاكتب محمد بن عبد الله، قال: وهذه حسنة اكتبوها، فكتبوها، وكان في شرطهم أن بيننا للعيبة المكفوفة، وأنه لا أغلال ولا أسلال، قال أبو أسامة: الاغلال: الدروع، والأسلال: السيوف، ويعني بالعيبة المكفوفة أصحابه يكفهم عنهم، وأنه من أتاكم منا رددتموه علينا، ومن أتانا منكم لم نردده عليكم، فقال رسول الله (ص): (ومن دخل معي فله مثل شرطي)، فقالت قريش: من دخل معنا فهو منا، له مثل شرطنا، فقالت بنو كعب: نحن معك يا رسول الله (ص)، وقالت بنو بكر: نحن مع قريش، فبينما هم في الكتاب إذ جاء أبو جندل يرسف في القيود، فقال المسلمون: هذا أبو جندل، فقال رسول الله (ص): (هو لي)، وقال سهيل: هو لي، وقال سهيل: اقرأ الكتاب، فإذا هو لسهيل، فقال أبو جندل: يا رسول الله! يا معشر المسلمين! أرد إلى المشركين؟ فقال عمر: يا أبا جندل! هذا السيف فإنما هو رجل ورجل، فقال سهيل:
أعنت علي يا عمر! فقال رسول الله (ص) لسهيل: هبه لي، قال: لا، قال فأجره لي، قال:
لا، قال مكرز: قد أجرته لك يا محمد فلم ينج.
(3) حدثنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة بن الزبير عن مروان أن رسول الله (ص) خرج عام صدوه، فلما انتهى إلى الحديبية اضطرب في الحل، وكان مصلاه في الحرم، فلما كتبوا القضية وفرغوا منها دخل على الناس من ذلك أمر عظيم قال: فقال رسول الله (ص): (يا أيها الناس انحروا واحلقوا وأحلوا، فما قام رجل من الناس، ثم أعادها فما قام أحد من الناس، فدخل على أم سلمة فقال: ما