كثير ذكر غير واحد من العلماء كابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم أن هذه الآية نزلت مجازاة لأزواج النبي ورضا عنهن على حسن صنيعهن في اختيارهن الله ورسوله والدار الآخرة لما خيرهن رسول الله فلما اخترن رسول الله كان جزاؤهن أن الله تعالى قصره عليهن وحرم عليه أن يتزوج بغيرهن أو يستبدل بهن أزواجا غيرهن ولو أعجبه حسنهن إلا الإماء والسراري فلا حرج عليه فيهن ثم إنه تعالى رفع عنه الحرج في ذلك ونسخ حكم هذه الآية وأباح له التزوج ولكن لم يقع منه بعد ذلك تزوج لتكون المنة لرسول الله عليهن ثم ذكر حديث عائشة الآتي ثم قال وقال آخرون بل معنى الآية لا يحل لك النساء من بعد أي من بعد مذكرنا لك من صفة النساء اللاتي أحللنا لك من نسائك اللاتي أتيت أجورهن وما ملكت يمينك وبنات العم والعمات والخال والخالات والواهبة وما سوى ذلك من أصناف النساء فلا يحل لك هذا مروى عن أبي ابن كعب وعكرمة ومجاهد في رواية عنه والضحاك في رواية وأبي صالح والحسن وغيرهم ثم قال واختيار ابن جرير رحمه الله أن الآية عامة فيمن ذكر من أصناف النساء وفي النساء اللواتي في عصمته وكن تسعا وهذا الذي قاله جيد ولعله مراد كثير ممن حكينا عنه من السلف فإن كثيرا منهم روي عنه هذا وهذا ولا منافاة انتهى (ثم قال) أي ثم قرأ ابن عباس ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين يعني ومن يجحد ما أمر الله به من توحيده ونبوة محمد وما جاء به من عند الله فقد بطل ثواب عمله الذي كان عمله في الدنيا وخاب وخسر في الدنيا والآخرة وهذه الآية في سورة المائدة والظاهر أن ابن عباس قرأها لبيان وجه تحريم الله على رسول الله كل ذات دين غير الإسلام
(٥٦)