رواية البخاري في المغازي فقال أين يا سعد إني أجد ريح الجنة دون أحد قال الحافظ يحتمل أن يكون ذلك على الحقيقة بأن يكون شم رائحة طيبة زائدة عما يعهد فعرف أنها ريح الجنة ويحتمل أن يكون أطلق ذلك باعتبار ما عنده من اليقين حتى كأن الغائب عنه صار محسوسا عنده والمعنى أن الموضع الذي أقاتل فيه يؤول بصاحبه إلى الجنة (إلا ببنانه) بفتح الباء والنون جمع بنانة وهي الأصبع وقيل طرفها رجال صدقوا ما عاهدوا (أجدها دون أحد) أي عند أحد وفي المراد بالمعاهدة المذكورة ما تقدم ذكره من قوله تعالى ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار وكان ذلك أول ما خرجوا إلى أحد وهذا قول ابن إسحاق وقيل ما وقع ليلة العقبة من الأنصار (إذ بايعوا النبي أن يؤووه وينصروه ويمنعوه) والأول أولى فمنهم من قضى نحبه أي مات أو قتل في سبيل الله وأصل النحب النذر فلما كان كل حي لا بد له من الموت فكأنه نذر لازم له فإذا مات فقد قضاه والمراد هنا من مات على عهده لمقابلته بمن ينتظر ذلك وأخرج ذلك ابن أبي حاتم بإسناد حسن عن ابن عباس كذا في الفتح ومنهم من ينتظر أي ذلك وما تبدلوا تبديلا أي ما غيروا عهد الله ولا نقضوه قوله (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه أحمد ومسلم والنسائي قوله (لأن الله أشهدني) أي أحضرني واللام في لئن مفتوحة دخلت على إن الشرطية لا جزاء له لفظا وحذف فعل الشرط فيه من الواجبات والتقدير لئن أشهدني الله (انكشف المسلمون) وفي رواية وانهزم الناس (مما جاءوا به هؤلاء) يعني من قتالهم مع رسول الله (وأعتذر إليك مما صنع هؤلاء) يعني من فرارهم (ثم تقدم) أي نحو المشركين (فلقيه سعد) أي ابن معاذ (فقال) أي سعد (فلم أستطيع أن أصنع ما صنع) أي أنس بن النضر وهذا صريح في أنه نفى
(٤٥)