الزكاة والكفارة فتكون بمعنى الثبات والبقاء لها كبقاء الحكم بها ببقاء الشريعة وثباتها ويحتمل أن تكون دنيوية من تكثير الكيل والقدرة بهذه الأكيال حتى يكفي منه ما لا يكفي من غيره في غير المدينة أو ترجع البركة إلى التصرف بها في التجارة وأرباحها وإلى كثرة ما يكال بها من غلاتها وثمارها أو تكون الزيادة فيما يكال بها لاتساع عيشهم وكثرته بعد ضيقه لما فتح الله عليهم ووسع من فضله لهم وملكهم من بلاد الخصب والريف بالشام والعراق ومصر وغيرها حتى كثر الحمل إلى المدينة واتسع عيشهم حتى صارت هذه البركة في الكيل نفسه فزاد مدهم وصار هاشميا مثل مد النبي صلى الله عليه وسلم مرتين أو مرة ونصفا وفي هذا كله إجابة دعوته صلى الله عليه وسلم وقبولها انتهى كلام القاضي قال النووي والظاهر من هذا كله أن المراد البركة في نفس المكيل في المدينة بحيث يكفي المد فيها لمن لا يكفيه في غيرها انتهى وإنه دعا لمكة أي بقوله فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون بمثل ما دعاك به لمكة ومثله أي يمثل ذلك المثل معه والمعنى بضعف ما دعا إبراهيم عليه الصلاة والسلام (قال) أي أبو هريرة (ثم يدعو) أي النبي صلى الله عليه وسلم (أصغر وليد) أي مولود (يراه) وفي رواية لمسلم ثم يعطيه أصغر من أن يحضره من الولدان وفي أخرى له ثم يدعو أصغر وليد له فيعطيه ذلك الثمر قال القاري التحقيق أن الروايتين يعني الرواية المطلقة والمقيدة وحمولتان على الحالتين والمعنى أنه إذا كان عنده أو قريبا منه وليد له أعطاه أو وليد آخر من غير أهله أعطاه إذ لا شك أنهما لو اجتمعا لشارك بينهما نعم إذا لم يكن أحد حاضرا عنده فلا شبهة أنه ينادي أحدا من أولاد أهله لأنه أحق ببره من غيره انتهى (فيعطيه ذلك الثمر) فيه بيان ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من مكارم الأخلاق وكمال الشفقة والرحمة وملاطفة الكبار والصغار وخص بهذا الصغير لكونه أرغب فيه وأكثر تطلعا إليه وحرصا عليه قوله (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه مسلم وابن ماجة 56 باب ما يقول إذا أكل طعاما أي إذا أراد أن يأكل طعاما قوله (حدثنا إسماعيل بن إبراهيم) هو المعروف بابن علية (حدثنا علي ابن زيد) هو ابن
(٢٩٥)