يوجب اليأس من رحمته وفيه بيان كثرة عقوبته لئلا يغتر مؤمن بطاعته أو اعتمادا على رحمته فيقع في الأمن ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ما قنط من القنوط هو اليأس من باب نصر وضرب وسمع أحد أي من الكافرين قال الطيبي الحديث في بيان صفتي القهر والرحمة لله تعالى فكما أن صفات الله تعالى غير متناهية لا يبلغ كنه معرفتها أحد كذلك عقوبته ورحمته فلو 4 فرض أن المؤمن وقف على كنه صفته القهارية لظهر منها ما يقنط من ذلك الخواطر فلا يطمع بجنته أحد وهذا معنى وضع أحد موضع ضمير المؤمن ويجوز أن يراد بالمؤمن الجنس على سبيل الاستغراق فالتقدير أحد منهم ويجوز أن يكون المعنى على وجه اخر وهو أن المؤمن قد اختص بأن يطمع بالجنة فإذا انتفي الطمع منه فقد انتفى عن الكل وورد الحديث في بيان كثرة رحمته وعقوبته كيلا يغتر مؤمن برحمته فيأمن من عذابه ولا ييأس كافر من رحمته ويترك بابه كذا في المرقاة قوله (هذا حديث حسن) وأخرجه الشيخان قوله (عن ابن عجلان) اسمه محمد (عن أبيه) هو عجلان المدني مولى فاطمة بنت عتبة لا بأس به من الرابعة قوله إن الله حين خلق الخلق أي المخلوقات كتب بيده على نفسه أن رحمتي تغلب غضبي بفتح الهمزة وتكسر على حكايته مضمون الكتاب وفي رواية للبخاري في التوحيد أن الله لما قضى الخلق كتب عنده فوق عرشه أن رحمتي سبقت غضبي قال الجزري قوله إن رحمتي تغلب غضبي هو إشارة إلى سعة الرحمة وشمولها الخلق كما يقال غلب على فلان الكرم أي هو أكثر خصاله وإلا فرحمة الله وغضبه صفتان راجعتان إلى إرادته للثواب والعقاب وصفاته لا توصف بغلبة إحداهما الأخرى وإنما وعلى سبيل المجاز للمبالغة انتهى وقال الطيبي أي لما خلق الخلق حكم حكما جازما ووعد وعدا لازما لا خلف فيه بأن رحمتي سبقت غضبي فإن المبالغ في حكمه إذا أراد إحكامه عقد عليه سجلا وحفظه ووجه المناسبة بين قضاء الخلق وسبق
(٣٧٠)