57 باب ما يقول إذا فرغ من الطعام قال ابن بطال اتفقوا على استحباب الحمد بعد الطعام ووردت في ذلك أنواع يعني لا يتعين شئ منها قوله القطان (أخبرنا ثور بن يزيد) أبو خالد الحمصي قوله (إذا رفعت المائدة من بين يديه) قد تقدم في الأطعمة من حديث أنس أنه صلى الله عليه وسلم لم يأكل على خوان قط وهنا يقول إذا رفعت مائدته وقد فسروا المائدة بأنها خوان عليه طعام فأجاب بعضهم عن هذا بأن أنسا ما رأى ذلك ورآه غيره والمثبت مقدم على النافي أو المراد بالخوان صفة مخصوصة والمائدة تطلق على كل ما يوضع عليه الطعام لأنها مشتقة من ماد يميد إذا تحرك أو أطعم ولا يختص ذلك بصفة مخصوصة وقد تطلق المائدة ويراد بها نفس الطعام أو بقيته أو إناؤه وقد نقل عن البخاري أنه قال إذا أكل الطعام على شئ ثم رفع قيل رفعت المائدة حمدا مفعول مطلق للحمد إما باعتبار ذاته أو باعتبار تضمنه معنى الفعل أو لفعل مقدر طيبا أي خالصا من الرياء والسمعة مباركا هو وما قبله صفات لحمدا فيه الضمير راجع إلى الحمد أي حمدا ذا بركة دائما لا ينقطع لأن نعمه لا تنقطع عنا فينبغي أن يكون حمدنا غير منقطع أيضا ولو نية واعتقادا غير مودع بنصب غير على أنه حال من الحمد ومودع اسم مفعول من التوديع أي غير متروك أو من الطعام يعني لا يكون آخر طعامنا أو من الله تعالى أي غير متروك الطلب منه والرغبة إليه ويجوز رفع غير على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو غير مودع ولا مستغنى عنه أي هو محتاج إليه غير مستغني عنه وفي رواية البخاري غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه قال الحافظ قوله غير مكفي بفتح الميم وسكون الكاف وكسر الفاء وتشديد التحتانية قال ابن بطال يحتمل أن يكون من كفأت الإناء فالمعنى غير مردود عليه إنعامه ويحتمل أن يكون من الكفاية أي أن الله غير مكفي رزق عباده لأنه لا يكفيهم أحد غيره وقال ابن التين أي غير محتاج إلى أحد لكنه هو الذي يطعم عباده ويكفيهم وهذا قول
(٢٩٧)