(بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرئ) وفي رواية البخاري ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعث به مع دحية الكلبي إلى عظيم بصرى فدفعه عظيم بصرى إلى هرقل فقرأه (فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم السلام على من اتبع الهدى أما بعد) وتمامه فإني أدعوك بدعاية الاسلام أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عليك إثم اليريسيين يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون كذا في رواية الشيخين قال النووي في هذا الكتاب جعل من القواعد وأنواع من الفوائد منها استحباب الكتاب ببسم الله الرحمن الرحيم وإن كان المبعوث إليه كافرا ومنها أن قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الاخر كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه الحمد الله فهو أجزم المراد بالحمد لله ذكر الله تعالى وقد جاء في رواية بذكر الله تعالى وهذا الكتاب كان ذا بال من المهمات العظام وبد فيه بالبسملة دون الحمد ومنها أن السنة في المكاتبة والرسائل بين الناس أن يبدأ الكاتب بنفسه فيقول من زيد إلى عمرو وهذه مسألة مختلف فيها قال الإمام أبو جعفر في كتابه صناعة الكتاب قال أكثر العلماء يستحب أن يبدأ بنفسه كما ذكرنا ثم روى فيه أحاديث كثيرة وآثارا قال وهذا هو الصحيح عند أكثر العلماء لأنه إجماع الصحابة قال وسواء في هذا تصدير الكتاب والعنوان قال ورخص جماعة في أن يبدأ بالمكتوب إليه فيقول في التصدير والعنوان إلى فلان من فلان ثم روى بإسناده أن زيد بن ثابت كتب إلى معاوية فبدأ باسم معاوية وعن محمد بن الحنفية وبكر بن عبد الله وأيوب السختياتي أنه لا بأس بذلك قال وأما العنوان فالصواب أن يكتب عليه إلى فلان ولا يكتب لفلان لأنه إليه لا له إلا على مجاز قال هذا هو الصواب الذي عليه أكثر العلماء من الصحابة والتابعين ومنها التوقي في المكاتبة واستعمال الورع فيها فلا يفرط ولا يفرط ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل عظيم الروم فلم يقل ملك الروم لأنه لا ملك له ولا لغيره إلا بحكم دين الاسلام ولا سلطان لأحد إلا من ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ولاه من أذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرطه وإنما ينفذ من تصرفات الكفار ما ينفذه للضرورة ولم يقل إلى هرقل فقط بل أتى بنوع من الملاطفة فقال عظيم الروم أي الذي يعظمونه ويقدمونه وقد أمر الله تعالى بإلانة القول لمن يدعى إلى الاسلام فقال تعالى ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وقال تعالى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى وغير ذلك ومنها استحباب البلاغة والإيجاز وتحري الألفاظ الجزلة في المكاتبة فإن قوله صلى الله عليه وسلم أسلم تسلم في نهاية من الاختصار وغاية من الإيجاز والبلاغة وجمع المعاني مع ما فيه
(٤١٦)