إذا قال أمرت فالمعنى أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يحتمل أن يريد أمرني صحابي آخر لأنهم من حيث أنهم مجتهدون لا يحتجون بأمر مجتهد آخر وإذا قاله التابعي احتمل والحاصل أن من اشتهر بطاعة رئيس إذا قال ذلك فهم منه أن الامر له هو ذلك الرئيس (أن أقاتل) أي بأن أقاتل وحذف الجار من أن كثير (حتى يقولوا لا إله إلا الله) وفي رواية للبخاري حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به وكذا في رواية لمسلم وفي حديث ابن عمر عند البخاري حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة قال الحافظ جعلت غاية المقاتلة وجود ما ذكر فمقتضاه أن من شهد وأقام واتى عصم دمه ولو جحد باقي الأحكام والجواب أن الشهادة بالرسالة تتضمن التصديق بما جاء به مع أن نص الحديث وهو قوله إلا بحق الاسلام يدخل فيه جمع ذلك فإن قيل فلم لم يكتف به ونص على الصلاة والزكاة فالجواب أن لعظمهما والاهتمام بأمرهما لأنهما أما العبادات البدنية والمالية انتهى (فإذا قالوها) أي كلمة لا إله إلا الله (عصموا) أي منعوا وأصل العصمة من العصام وهو الخيط الذي يشد به القربة ليمنع سيلان الماء (مني) أي من أتباعي أو من قبلي وجهة ديني (دماءهم وأموالهم) أي استباحتهم بالسفك والنهب المفهوم من المقاتلة (إلا بحقها) أي بحق كلمة لا إله إلا الله وفي حديث ابن عمر المذكور إلا بحق الاسلام قال القاري إلا بحق الاسلام أي دينه وإضافة لامية والاستثناء مفرغ من أعم عام الجار والمجرور أي إذا فعلوا ذلك لا يجوز إهدار دمائهم واستباحة أموالهم بسبب من الأسباب إلا بحق الاسلام من استيفاء قصاص نفس أو طرف إذا قتل أو قطع ومن أخذ مال إذا غصب إلى غير ذلك من الحقوق الاسلامية كقتل لنحو زنا محصن وقطع لنحو سرقة وتغريم مال لنحو إتلاف مال الغير المحترم (وحسابهم على الله) أي فيما يسترون من الكفر والمعاصي بعد ذلك والجملة مستأنفة أو معطوفة على جزاء الشرط والمعنى إنا نحكم بظاهر الحال وا يمان القولي ونرفع عنهم ما على الكفار ونؤاخذهم بحقوق الاسلام بحسب ما يقتضيه ظاهر حالهم لا أنهم مخلصون والله يتولى حسابهم فيثيب المخلص ويعاقب ويجازي المصر بفسقه أو يعفو عنه قوله (وفي الباب عن جابر وأبي سعيد وابن عمر) أما حديث جابر فأخرجه مسلم والنسائي وأما حديث أبي سعيد فلينظر من أخرجه وأما حديث عمر فأخرجه الشيخان
(٢٨١)