ينتقل في مثله العين من التحليل إلى التحريم، أو من التحريم إلى التحليل وتأول الشيخ رواية أبي بصير السابقة من قوله: " لا بأس إذا لم يجعل فيها ما يقلبها " بأن معناه إذا جعل فيها ما يغلب عليه فيظن أنه خل ولا يكون كذلك، مثل القليل من الخمر يطرح عليه كثير من الخل فإنه يصير بطعم الخل، ومع هذا فلا يجوز استعماله حتى يعزل من تلك الخمرة ويترك مفردا إلى أن يصير خلا، فإذا صار خلا حل حينئذ.
وأنكر ابن إدريس وغيره ذلك وقال ابن إدريس: لا وجه له للاجماع على أن الخل يصير بمخالطة الخمر له نجسا ولا دلالة على طهارته بعد ذلك، لأنه إنما يطهر الخمر بالانقلاب إلى الخل، فأما الخل فهو باق على حقيقته، وليس له حالة ينقلب إليها ليطهر بها، وقال العلامة رحمه الله في المختلف: كلام الشيخ ليس بعيدا من الصواب لان انقلاب الخمر إلى الخل يدل على تمامية استعداد انقلاب ذلك الخمر إلى الخل، والمزاج واحد، بل استعداد الملقى في الخل لصيرورته خلا أتم، ولكن لا يعلم لا متزاجه بغيره فإذا انقلب الأصل المأخوذ منه علم انقلابه أيضا، ونجاسة الخل تابعة للخمرية، وقد زالت فتزول النجاسة عنه كما في الخمر إذا انقلب، قال: ونبه شيخنا أبو علي ابن الجنيد عليه.
وقال الشهيد الثاني: القول بطهر الخل إذا مضى زمان يعلم انقلاب الخمر فيه إلى الخلية متجه إذا جوزنا العلاج، وحكمنا بطهارته مع بقاء عين المعالج به لان الخل لا يقصر عن تلك الأعيان المعالج بها، حيث حكم بطهرها مع طهره إلا أن إثبات الحكم من النص لا يخلو من إشكال، واستفادته من إطلاق جواز علاجه أعم من بقاء عين المعالج به انتهى.
وأقول: لا يبعد القول بحله مطلقا لما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد العزيز بن المهتدي قال: كتبت إلى الرضا عليه السلام جعلت فداك العصير يصير خمرا فيصب عليه الخل وشئ يغيره حتى يصير خلا؟ قال: لا بأس (1).