وقال الشيخ السديد المفيد قدس الله نفسه الزكية في رسالة الذبايح: اختلف أهل الصلاة في ذبايح أهل الكتاب، فقال جمهور العامة بإباحتها، وذهب نفر من أوائلهم بحظرها، وقال جمهور الشيعة بحظرها، وذهب نفر منهم إلى مذهب العامة في إباحتها، واستدل الجمهور من الشيعة على حظرها بقول الله عز وجل " ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون " (1).
قالوا فحظر الله سبحانه بتضمن هذه الآية أكل كل ما لم يذكر عليه اسمه من الذبايح، دون ما لم يرده من غيرها الاجماع والاتفاق، فاعتبرنا المعنى بذكر التسمية أهو اللفظ بها خاصة أم هو شئ ينضم إلى اللفظ، ويقع لأجله على وجه يتميز به مما يعمه وإياه الصيغة من أمثاله في الكلام، فبطل أن يكون المراد هو اللفظ بمجرده لاتفاق الجميع على حظر ذبيحة كثير ممن يتلفظ بالاسم عليها، كالمرتد وإن سمى تجهلا، والمرتد عن أصل من الشريعة مع إقراره بالتسمية واستعمالها والمشبه لله تعالى بخلقه لفظا ومعنى، وإن دان بفرضها عند الذبيحة متدينا، والثنوية و الديصانية والصابئين والمجوس.
قلت إن المعنى بذكرها هو الثاني من وقوعها على وجه يتخصص به من تسمية من عددناه وأمثالهم في الضلال، فنظرنا في ذلك، فأخرج لنا دليل الاعتبار أنا تسمية المتدين بفرضها على ما تقرر في شريعة الاسلام، مع المعرفة بالمسمى المقصود بذكره عند الذبيحة إلى استباحتها، دون من عداه، بدلالة حصول الحظر مع التسمية ممن أنكر وجوب فرضها وتلفظ بها لغرض له دون التدين ممن سميناه وحصوله أيضا مع تسمية المتدين بفرضها إذا كان كافرا يجحد أصلا من الشريعة لشبهة عرضت له وإن كان مقرا بساير ما سوى الأصل على ما بيناه، وحظر ذبيحة المشبه وإن سمى ودان بفرضها كما ذكرناه.
وإذا صح أن المراد بالتسمية عند الذكاة ما وصفناه من التدين بفرضها على