فأكفأها كلها، ثم قال: هذه كلها خمر وقد حرمها الله، وكان أكثر شئ أكفي يومئذ من الأشربة الفضيخ، ولا أعلم أكفئ يومئذ من خمر العنب شئ إلا إناء واحد كان فيه زبيب وتمر جميعا، فأما عصير العنب فلم يكن يومئذ بالمدينة منه شئ، وحرم الله الخمر قليلها وكثيرها، وبيعها وشراءها، والانتفاع بها، وسمي المسجد الذي قعد فيه رسول الله صلى الله عليه وآله يوم أكفيت الأشربة مسجد الفضيخ من يومئذ لأنه أكثر شئ أكفي من الأشربة الفضيخ (1).
22 - كتاب زيد النرسي: عن علي بن زيد قال: حضرت أبا عبد الله عليه السلام و رجل يسأله عن شارب الخمر أتقبل له صلاة؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: لا تقبل صلاة شارب المسكر أربعين يوما إلا أن يتوب، قال له الرجل: فان مات من يومه وساعته؟
قال: تقبل توبته وصلاته إذا تاب وهو يعقل، فأما أن يكون في سكره فما يعبأ بتوبته.
23 - ومنه: عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: ما زالت الخمر في علم الله وعند الله حرام، وإنه لا يبعث الله نبيا ولا يرسل رسولا إلا ويجعل في شريعته تحريم الخمر، ولا حرم الله حراما فأحله من بعد إلا للمضطر، ولا أحل الله حلالا ثم حرمه.
بيان: لعل الحكمان الأخيران مختصان بالمأكولات والمشروبات، فلا ينافي النسخ في غيرها، ويحمل أيضا على ما إذا حكم فيه بالحلية لا ما كان حلالا قبل ورود النهي بالإباحة الأصلية، وبالجملة إبقاؤهما على العموم ينافي ظاهرا كثيرا من الآيات والأخبار الدالة على النسخ في الاحكام.
24 - ثواب الأعمال: في حديث طويل مشتمل على عقوبات كثير من المناهي أسنده إلى أبي هريرة وابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله قال في آخر خطبة خطبها: من شرب الخمر في الدنيا سقاه الله عز وجل من سم الأساود، ومن سم العقارب شربة يتساقط لحم وجهه في الاناء قبل أن يشربها، فإذا شربها تفسخ لحمه وجلده كالجيفة يتأذى