بيان: يدل على أن الشرب في الزجاج غاية التنعم والترفه فيه، وأنه ينافي التواضع المطلوب في المأكل والمشرب.
9 - كنز الكراجكي: قال: إن النبي صلى الله عليه وآله كان في سفر فاستيقظ من نومه فقال: مع من وضوء؟ فقال أبو قتادة: معي في ميضأة، فأتاه به فتوضأ وفضلت في الميضاة فضلة فقال صلى الله عليه وآله: احتفظ بها يا أبا قتادة، فيكون لها شأن، فلما حمي النهار واشتد العطش بالناس، ابتدروا إلى النبي صلى الله عليه وآله يقولون: الماء الماء، فدعا النبي صلى الله عليه وآله بقدحه ثم قال: هلم الميضأة يا أبا قتادة فأخذها ودعا فيها، وقال: أسكب فسكب في القدح وابتدر الناس الماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: كلكم يشرب الماء إنشاء الله، فكان أبو قتادة يسكب ورسول الله صلى الله عليه وآله يسقي حتى شرب الناس أجمعون، ثم قال النبي صلى الله عليه وآله لأبي قتادة: اشرب فقال لا: بل اشرب أنت يا رسول الله فقال: اشرب فان ساقي القوم آخرهم شربا فشرب أبو قتادة ثم شرب رسول الله صلى الله عليه وآله.
بيان: في القاموس الميضأة الموضع يتوضأ فيه ومنه، والمطهرة.
10 - الشهاب: قال صلى الله عليه وآله: ساقي القوم آخرهم شربا.
الضوء: هذا من مكارم الأخلاق التي كان صلى الله عليه وآله لا يزال يأخذ بها أصحابه، و يتقدم بها إليهم ويكررها عليهم، والأدب في ذلك أن الساقي للقوم وهم عطاش مجهودون إذا ابتدأ بنفسه دل على جشعه وقلة مبالاته بأصحابه الذين ائتمن عليهم وجعل ملاك أرواحهم وقوام أبدانهم بيده، وأمر الماء عندهم شديد، فإنهم كثيرا ما يقتحمون البوادي ويعرضون أنفسهم للفج الهجائر، ووقدان الظهائر، ويفتخرون بذلك ويتجلدون عليه، ويذكرونه في مفاخراتهم، وإذا كان كذلك أدت الحال إلى تقاسم الماء بينهم بالمقلة - وهي حجر القسم - وقد قيل: الماء أهون موجود وأعز مفقود وفائدة الحديث الحث على الاخذ بالأكرم من الافعال، والتباعد عما يجعل الانسان في معرض الأنذال ولباس الأرذال وراوي هذا الحديث المغيرة.
11 - معاني الأخبار: عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن أبي القاسم عن محمد ابن علي الكوفي رفعه إلى أبى عبد الله عليه السلام أنه قيل له: الرجل يشرب بنفس