أن يكون في بعض الاجزاء قوة نفوذ، وفي بعضها قوة جذب وقبض، فيدخل بتينك القوتين وزوال المانع وحصول المعد ما هو من قبيل الأول فيما هو من قبيل الثاني، ويستحكم فيه، كما قيل في سبب حصول السواد من ممازجة الزاج والعقص فتأمل.
وبالجملة تبين أن ذهاب الثلثين في العصير المذكور من حيث الكيل والحجم يتحقق قبل ذهابهما فيه من حيث الوزن، فيحتمل هاهنا أن يكون المعيار للثلث و والثلثين ما هو بحسب الكيل، لكونه معروفا بين الناس في أمثال ذلك، ولسهولته عليهم من حيث إمكان هذا النوع من التقدير لهم بالقصعة والقدر وأمثالهما من الأدوات الدايرة، واستغنائه عن ميزان صحيح أو قبان مجرب لا يطمئن به إلا بعد تقويمات وتدقيقات لا يهتدي إليها أكثر الناس، وليتيسر تخمينهم الكيلية بين الذاهب والباقي بحس البصر أيضا بدون احتياج إلى آلة أصلا.
ويدل عليه رواية عقبة بن خالد المتقدمة حيث اعتبر عليه السلام فيه الأرطال، و الرطل يطلق غالبا على الكيل لا الوزن كما حققناه في رسالة الأوزان، وكذا تدل عليه الروايات الثلاث المتقدمة في كيفية الشراب الحلال، فإنها صريحة في أن المعتبر في الثلث والثلثين الكيل دون الوزن، وإن أمكن أن يكون الذهاب بحسب الكيل كافيا في ترتب الفوايد التي أفادها عليه السلام لهذا الدواء، بناء على ما احتملناه بل اخترناه أن ذهاب الثلثين هاهنا ليس لتحقق الحلية بل لترتب الفوايد الطبية، فان الأطباء في كثير من الأدوية المركبة يذكرون ذلك وغرضهم حصول مزاج ذلك المركب وعدم إسراع الفساد إليه وترتب كمال الفوائد عليه، نعم على مذهب من يختار أن ذهاب الثلثين هنا للحلية هي صريحة في ذلك، لكن على ما اخترناه أيضا فيه إيماء إليه، و ويمكن أن يقال أيضا: إنه لما ذكر الشارع ذهاب الثلثين ولم يصرح بالمراد، فمتى صدق عليه عرفا أنه ذهب ثلثاه يتحقق الحل، ولا ريب في أنه يصدق عليه عرفا أنه ذهب ثلثاه، وفيه نظر.
ويحتمل أن يكون المعيار هيهنا هو التقدير الوزني. أو ما في حكمه مما يطابقه وذلك لان حكمهم عليهم السلام فيما روي عنهم في هذا الباب بترتب الحلية على ذهاب