الثاني: ذهب جماعة من الأصحاب إلى نجاسة العصير المذكور قبل ذهاب الثلثين، وأنه يطهر بعده، فمنهم من عمم الحكم كالمحقق والعلامة رحمهما الله، لكنهما اشتر طامع الغليان الاشتداد، وذهب ابن حمزة في الوسيلة إلى تخصيص النجاسة في العصير المذكور بصورة غليانه بنفسه لا بغيره كالنار، وبعض المتأخرين عد العصير إذا غلا من النجاسات بدون تخصيص أو اشتراط، فالمذاهب في النجاسة ثلاثة ولا مستند لشئ منها في الروايات التي وصلت إلينا كما صرح به الشهيد رحمه الله في البيان حيث قال:
لم أقف على نص في تنجيسه إلا ما دل على نجاسة المسكر، لكنه لا يسكر بمجرد غليانه واشتداده، وفي الذكرى حيث قال: بعد نقل قول ابن حمزة والمحقق وذكر توقف العلامة فيها في نهايته: ولم نقف لغيرهم على قول بالنجاسة، ولا نص على نجاسة غير المسكر، وهو منتف هنا.
وقال الشهيد الثاني رحمه الله في المسالك: القول بنجاسة العصير هو المشهور بين المتأخرين، ومستنده غير معلوم، بل النص إنما دل على التحريم، وقال العلامة رحمه الله في المختلف: والخمر وكل مسكر والفقاع والعصير إذا غلا قبل ذهاب ثلثيه بالنار أو من نفسه نجس، ذهب إليه أكثر علمائنا كالشيخ المفيد والشيخ أبي جعفر والسيد المرتضى وأبي الصلاح وسلار وابن إدريس، وقال أبو علي بن أبي عقيل من أصاب ثوبه أو جسده خمر أو مسكر لم يكن عليه غسلهما، لان الله تعالى إنما حرمهما تعبدا لا لأنهما نجسان، وكذلك سبيل العصير والخل، إذا أصاب الثوب والجسد، وقال أبو جعفر بن بابويه: لا بأس بالصلاة في ثوب أصابته خمر لان الله جرم شربها ولم يحرم الصلاة في ثوب أصابته، مع أنه حكم بنزح ماء البئر أجمع بانصباب الخمر فيها.
لنا وجوه الأول الاجماع على ذلك، فان السيد المرتضى قال: لا خلاف بين المسلمين في نجاسة الخمر إلا ما يحكى عن شذاذ لا اعتبار بقولهم، وقال الشيخ رحمه الله: الخمر نجسة بلا خلاف، وكل مسكر عندنا حكمه حكم الخمر، وألحق أصحابنا الفقاع بذلك وقول السيد المرتضى والشيخ حجة في ذلك فإنه إجماع منقول بقولهما، وهما صادقان، فيغلب على الظن ثبوته، والاجماع كما يكون حجة إذا نقل