عن إسحاق بن عمار قال: شكوت إلى جعفر بن محمد الصادق عليه السلام بعض الوجع وقلت له:
إن الطبيب وصف لي شرابا وذكر أن ذلك الشراب موافق لهذا الداء، قال له الصادق عليه السلام: وما وصف لك الطبيب؟ قال: قال: خذ الزبيب وصب عليه الماء ثم صب عليه عسلا ثم اطبخه حتى يذهب ثلثاه ويبقى الثلث، فقال: أليس هو حلو؟
قلت: بلى يا بن رسول الله، قال: اشرب الحلو حيث وجدته أو حيث أصبته، ولم يزدني على هذا (1).
تفصيل وتذييل يشتمل على مقاصد:
الأول أتفق فقهاؤنا رضوان الله عليهم على حرمة العصير العنبي بالغليان و الاشتداد، وظاهر الاخبار وأكثر الأصحاب تحقق الحرمة بمجرد الغليان المفسر بالقلب في رواية حماد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن شرب العصير قال: تشرب ما لم يغل، فإذا غلا فلا تشربه، قال: قلت: جعلت فداك أي شئ الغليان؟ قال:
القلب (2) والمراد به كما فسره الأكثر أن يصير أسفله أعلاه، ولعله هو المقصود أيضا من النشيش فيما تقدم من الاخبار، وفيما روي عن ذريح قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إذا نش العصير وغلا حرم، فان النشيش هو صوت الماء وغيره عند الغليان، فعلى هذا يكون العطف بالواو في الرواية للتفسير، ويحتمل أن يكون المراد بالنشيش حالة مقارنة للغليان أو متقدمة عليه، فيكون العطف لمحض الجمع أو الترتيب للاشعار بعدم انفكاك أحدهما عن الآخر، أو عدم كفاية النشيش بدون الغليان، وما وقع في نسخ التهذيب من لفظة " أو " بدل الواو مؤيد لعدم الانفكاك.
وأما ما ضم إليه بعض الفقهاء في هذا المقام من الاشتداد حيث قالوا: إذا غلا واشتد، فإن كان المراد به معنى القلب أو النشيش أو معنى الثخانة الحاصلة بمجرد الغليان، كما قيل، فضمه إلى الغليان من قبيل ضم النشيش إليه في الرواية: وإن