يقلب هذه الأجسام من صفة إلى صفة، ومن حالة إلى حالة، فإذا كان كذلك لم يمنع أيضا أن يكون قادرا على أن يقلب أجزاء أبدان الأموات إلى صفة الحياة والعقل، كما كانت قبل ذلك، فهذا الاعتبار يدل من هذا الوجه على أن البعث والقيامة أمر ممكن غير ممتنع.
وقال البيضاوي: " وإن لكم في الانعام لعبرة " دلالة يعبر بها من الجهل إلى العلم " نسقيكم مما في بطونه " استيناف لبيان العبرة، وإنما ذكر الضمير ووحده ههنا للفظ، وأنثه في سورة المؤمنون للمعنى، فان الانعام اسم جمع، ولذلك عده سيبويه في المفردات المبنية على أفعال كأخلاق وأكياس، ومن قال إنه جمع نعم، جعل الضمير للبعض، فان اللبن لبعضها دون جميعها، أو لواحده، أوله على المعنى، فان المراد به الجنس وقرء نافع وابن عامر وأبو بكر ويعقوب " نسقيكم " بالفتح هنا وفي المؤمنون.
" من بين فرث ودم لبنا " فإنه يخلق من بعض أجزاء الدم المتولد من الاجزاء اللطيفة التي في الفرث، وهو الأشياء المأكولة المنهضمة بعد الانهضام في الكرش، و حديث ابن عباس إن صح فالمراد أن أوسطه يكون مادة اللبن، وأعلاه مادة الدم، الذي يغذى البدن، لأنهما لا يتكونان في الكرش.
ثم ذكر مختصرا مما ذكره الرازي ثم قال:
" خالصا " صافيا لا يستصحبه لون الدم ولا رائحة الفرث، أو مصفى عما يصحبه من الاجزاء الكثيفة بتضييق مخرجه " سائغا للشاربين " سهل المرور في حلقهم.
وقال الطبرسي ره: روى الكلبي عن ابن عباس قال: إذا استقر العلف في الكرش صار أسفله فرثا، وأعلاه دما، وأوسطه لبنا، فيجرى الدم في العروق، واللبن في الضرع ويبقى الفرث كما هو، فذلك قوله " من بين فرث ودم لبنا خالصا " لا يشوبه الدم ولا الفرث، والكبد مسلطة على هذه الأصناف فتقسمها على الوجه الذي اقتضاه التدبير الإلهي (1).
1 - الخصال: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى اليقطيني، عن