بل ادعى بعضهم أن المتبادر من الآنية والأواني الظروف المستعملة في الأكل والشرب فلا تصدق على ما يوضع فيه الشموع والمصابيح، ولا ظروف التتن والقناديل المعلقة في المشاهد والمساجد.
ويؤيده ما مر في خبر علي بن جعفر حيث قال: إنما كره استعمال ما يشرب منه ولا يقصر عن الصحيح لرواية الحميري والبرقي من كتاب علي بن جعفر وكتابه كان أشهر من الشمس، والآن أيضا موجود عندنا وأما اللغويون فأكثرهم أحالوه على الشهرة والعرف، فقالوا: الاناء معروف والجمع آنية، وجمع الجمع أواني، وقال في المصباح المنير: الاناء والآنية كالوعاء والأوعية، وقال الراغب: الآنية ما يوضع فيه الشئ انتهى، وما يقال الاناء هو الظرف، والظرف كل ما يستقر فيه الشئ فلا مستند له، ومعلوم في العرف أنه إذا قال رجل: ائتني باناء فاتي بظرف غالية أو مكحلة لا يعد في العرف مؤتمرا، ويؤيده تجويز الخواتيم، وأوعية الدعاء، ونعل السيف وأمثالها، مع أن جميع ذلك مما يستقر فيه الشئ.
والحاصل أن كل ما علم لغة أو في عرفهم عليهم السلام صدق الآنية عليه، يدخل في النهي إن عممناه، وإلا فأصل الإباحة أقوى، وإن كان الأحوط الاحتراز عن الجميع إلا ما علم استثناؤه، ولنذكر بعض ما ذكره الأصحاب رضي الله عنهم في ذلك.
قال الشهيد رحمه الله في الذكرى: الأقرب تحريم المكحلة منها وظرف الغالية وإن كان بقدر الضبة لصدق الاناء، أما الميل فلا، ونحوه قال في الدروس، وقال العلامة رحمه الله في التذكرة: في المكحلة الصغيرة وظرف الغالية للشافعية وجهان:
التحريم وهو المعتمد، لأنه يسمى إناء، والإباحة لان قدره يحتمل ضبة للشئ، فكذلك وحده، وقال صاحب المدارك: في جواز اتخاذ المكحلة وظروف الغالية من ذلك تردد منشاؤه الشك في إطلاق اسم الاناء عليه حقيقة.
الثامن: اختلفوا أيضا في تحلية المشاهد والمساجد بالقناديل من الذهب والفضة والحكم بالتحريم مشكل، للشك في صدق الآنية عليها، لا سيما إذا كانت مكشوفة الطرفين، وقال في الذكري: وفي المساجد والمشاهد نظر لفحوى النهي، وشعار التعظيم