حل ذبايح أهل الكتاب: فأول ما في هذه الأخبار أنها لا تقابل تلك، لأنها أكثر، ولا يجوز العدول عن الأكثر إلى الأقل لما قد بين في غير موضع، ولان ممن روى هذه الأخبار قد روى أحاديث الحظر التي قدمناها، ثم لو سلمت من هذا كله، لاحتملت وجهين:
أحدهما أن الإباحة فيها إنما تضمنت حال الضرورة دون حال الاختيار، وعند الضرورة تحل الميتة، فكيف ذبيحة من خالف الاسلام.
والذي يدل على ذلك ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى عن أحمد بن حمزة القمي عن زكريا ابن آدم قال: قال أبو الحسن عليه السلام: إني أنهاك عن ذبيحة كل من كان على خلاف ما أنت عليه وأصحابك، إلا في وقت الضرورة إليه.
والوجه الثاني أن تكون هذه الأخبار وردت للتقية، لان من خالفنا يجيز أكل ذبيحة من خالف الاسلام من أهل الذمة.
والذي يدل على ذلك ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى عن سهل بن زياد، عن أحمد بن بشير عن ابن أبي عقيلة: الحسن بن أيوب، عن داود بن كثير الرقي، عن بشر ابن أبي غيلان الشيباني قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن ذبايح اليهود والنصارى والنصاب، قال: فلوى شدقه وقال: كلها إلى يوم ما، انتهى.
وأقول: كأن مراده بالضرورة ضرورة التقية والمسالمة، فالوجهان متقاربان ويؤيدان ما حققنا سابقا، والخبر الأخير كالصريح في ذلك.
11 - تفسير علي بن إبراهيم: قوله " وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم " قال: يعني الصادق عليه السلام: عنى بطعامهم هيهنا الحبوب والفاكهة غير الذبايح التي يذبحونها، فإنهم لا يذكرون اسم الله خالصا على ذبايحهم [ثم قال: والله ما استحلوا ذبايحكم فكيف تستحلون ذبايحهم؟] (1).
12 - قرب الإسناد: عن سعد بن طريف، عن الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه أن عليا عليه السلام كان يقول: كلوا طعام المجوس كله، ما خلا ذبايحهم، فإنها