حتى إذا كانوا ببيسان (1) شربوا خمرا فكف المغيرة عن بعض الشراب وأمسك نفسه وشربت بنو مالك حتى سكروا، فوثب عليهم المغيرة فقتلهم وكانوا ثلاثة عشر رجلا، فلما قتلهم ونظر إليهم دمون تغيب عنهم وظن أن المغيرة إنما حمله على قتلهم السكر فجعل المغيرة يطلب دمون ويصيح به فلم يأت ويقلب القتلى فلا يراه فبكى، فلما رأى ذلك دمون خرج إليه فقال المغيرة: ما غيبك؟ - قال: خشيت أن تقتلني أن تقتلني كما قتلت القوم، فقال المغيرة: إنما قتلت بني مالك بما صنع بهم المقوقس، قال: وأخذ المغيرة أمتعتهم وأموالهم ولحق بالنبي صلى الله عليه وآله فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لا أخمسه، هذا غدر، وذلك حين أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم خبرهم، وأسلم المغيرة، وأقبل الشريد فقدم مكة فأخبر أبا سفيان بن حرب بما صنع المغيرة ببني مالك فبعث أبو سفيان معاوية بن أبي سفيان إلى عروة بن مسعود يخبره الخبر.
(وهو المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود بن معتب) فقال معاوية: خرجت حتى إذا كنت بنعمان (2) قلت في نفسي: أين أسلك، ذا عفار (3) فهي أبعد وأسهل، وإن سلكت ذا العلق (4) فهي أغلظ وأقرب، فسلكت ذا عفار فطرقت عروة بن مسعود بن عمرو المالكي، فوالله ما كلمته منذ عشر سنين والليلة أكلمه.
قال: فخرجنا إلى مسعود فناداه عروة فقال: من هذا؟ - فقال: عروة، فأقبل