والحكمة، ويحتمل أن يقرأ: قدرة، بالرفع على الابتداء، أي له قدرة بان بها، أي بتلك القدرة الكاملة التي لا يتأبى منها شئ من الأشياء، وبانت الأشياء منه لتحقق تلك القدرة له لا لغيره (انتهى).
وقال العلامة المجلسي (ره) في مرآة العقول:
قوله عليه السلام قدرة، أي له قدرة أو هو عين القدرة بناء على عينية الصفات، وقيل: نصب على التمييز أو على أنها منزوع الخافض أي ولكن خلق الأشياء قدرة أو بقدرة وفي التوحيد: قدرته، فهو مبتدء وبان بها خبره أو خبره كافية فكانت جملة استينافية فكأن سائلا سأل وقال: كيف خلق لا من شئ؟ فأجاب بأن قدرته كافية.
إلى غير ذلك من كلماتهم التي يشبه بعضها بعضا في شرح الفقرة المذكورة واتفاقهم على كون الكلمة (قدرة) بالقاف.
وأما المولى المذكور فقرأها: فدرة، بالفاء وهي كما في القاموس وغيره قطعة من اللحم ومن الليل ومن الجبل، ولم يقنع بذلك حتى جعلها أصلا ورتب عليه ما لا ربط له بالفقرة المذكورة فقال بعد مدح الخطبة وتوصيفها بما هي أهلها:
فلنعقد لبيانها وشرحها عدة فصول (إلى أن قال):
الفصل الثالث في نفي التركيب عنه تعالى:
قوله عليه السلام: ما كان قدرة بان بها من الأشياء وبانت الأشياء منه يعني أنه بسيط الذات أحدي الحقيقة، بذاته يمتاز عن الأشياء وتمتاز الأشياء عنه بذواتها لا ببعض من الذات وإنما يقع الامتياز بفصل ذاتي بين الأمور التي كان اشتراكها بالذات أو بأمر مقوم للذات كالإنسان والفرس فإنهما لما اشتركا في أمر ذاتي كالحيوانية فلا بد أن يفترقا أيضا بأمر ذاتي وبعض من الذات سواء كان محسوسا أو معقولا، ففي الإنسان بعض به امتاز عن الفرس وبان منه وهو معنى الناطقية، وكذا الفرس بان من الإنسان ببعض منه كالصاهلية أو بسلب النطق كالعجم، والخط الطويل والخط الصغير مثلا تقع البينونة بينهما بعد اشتراكهما في طبيعة الخطية