في الأبواب الثلاثة (باب قدوم علي إلى الكوفة، ودخوله الكوفة، واستنفاره عليه السلام الناس) أحببت أن أنقل كلامه هنا حتى يكون بين يدي القارئين فنقول:
قال الطبري في تاريخه ضمن ذكره وقائع سنة سبع وثلاثين ما نصه:
(ج 6 من الطبعة الأولى، ص 51 - 52).
(قال أبو مخنف عن نمير بن وعلة الساعي عن أبي درداء (1) قال: كان علي لما فرغ من أهل النهروان حمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن الله قد أحسن بكم وأعز نصركم فتوجهوا من فوركم هذا إلى عدوكم، قالوا: يا أمير المؤمنين نفدت نبالنا وكلت سيوفنا ونصلت أسنة رماحنا وعاد أكثرها قصدا فارجع بنا إلى مصرنا فلنستعد بأحسن عدتنا، ولعل أمير المؤمنين يزيد في عدتنا عدة من هلك منا فإنه أوفى لنا على عدونا، وكان الذي تولى ذلك الكلام الأشعث بن قيس، فأقبل حتى نزل النخيلة فأمر - الناس أن يلزموا عسكرهم، ويوطنوا على الجهاد أنفسهم وأن يقلوا زيارة نسائهم و أبنائهم حتى يسيروا إلى عدوهم، فأقاموا فيه أياما ثم تسللوا من معسكرهم، فدخلوا إلا رجالا من وجوه الناس قليلا وترك العسكر خاليا فلما رأى ذلك دخل الكوفة وانكسر عليه رأيه في المسير.
قال أبو مخنف عمن ذكره عن زيد بن وهب أن عليا قال للناس وهو أول كلام قال لهم بعد النهر:
أيها الناس استعدوا للمسير إلى عدو في جهاده القربة إلى الله ودرك الوسيلة عنده، حيارى في الحق، جفاة عن الكتاب نكب عن الدين، يعمهون في الطغيان ويعكسون في غمرة الضلال، فأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل، وتوكلوا على الله وكفى بالله وكيلا وكفى بالله نصيرا.
قال: فلا هم نفروا ولا تيسروا فتركهم أياما حتى إذا أيس من أن يفعلوا دعا رؤساءهم ووجوههم، فسألهم عن رأيهم وما الذي ينظرهم فمنهم المعتل ومنهم المكره وأقلهم من نشط.
فقام فيهم خطيبا فقال: