بالسلوك في هذا الطريق، وكلف العلم به على وجه التحقيق، ولما كان الإنسان مطبوعا على النسيان، ومجبولا على النقصان، كان من مقتضى الحكمة تكرير التذكير المقرون بالانقياد المشفوع بالاستعداد لتحصيل المراد، فأمر بالشرائع على مقتضى حكمته، وسن السنن بموجب لطفه بخليقته.
ثم لما كان الوصول إلى معرفة الشرائع على كل واحد متعذرا، والوقوف على مقاصد السنن متعسرا، لا جرم، أوجب النفور على بعض المكلفين بقوله: " فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين " (1).
ولما لطف الله تعالى لنا بالبحث عن الشريعة المحمدية والملة الأحمدية على أحق الطرائق وأصدقها أكمل المسالك معرفة وأوثقها، وهي طريقة الإمامية المتمسكين بأقوال الأئمة المعصومين من الزلل في القول والعمل صلوات الله عليهم أجمعين، أحببنا أن نكتب دستورا في هذا الفن يحتوي على مقاصده، ويشتمل على فوائده، على وجه الإيجاز والاختصار، متجنبين الإطالة والإكثار، مع ذكر الخلاف الواقع بين أصحابنا، والإشارة إلى مذاهب المخالفين المشهورين، مع ذكر ما يمكن أن يكون حجة لكل فريق على وجه التحقيق وقد وسمناه: ب (منتهى المطلب في تحقيق المذهب) ونرجو من لطف الله تعالى أن يكون هذا الكتاب بعد التوفيق لإكماله أنفع من غيره.
أما أولا: فبذكر الخلاف الواقع بين الأصحاب والمخالفين مع ذكر حججهم والرد على الفاسد منها.
وأما ثانيا: فباشتماله على المسائل الفقهية الأصلية والفرعية على وجه الاختصار، فكان هذا الكتاب متميزا عن غيره من الكتب.
وقد رتبنا هذا الكتاب على أربع قواعد، وقبل الخوض في المقصود، لا بد من تقديم المقدمات: