قدرت على البول، ثم تدخل يدك في الإناء، ثم اغسل ما أصابك منه، ثم أفض على رأسك وجسدك ولا وضوء فيه) (1) فلو كانا واجبين لوجب ذكرهما عقيب السؤال وإلا لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة، وذلك باطل اتفاقا.
وأيضا: الفم والأنف باطنان فلا يجب غسلهما كباطن اللحية وباطن العينين، ولأن الوجه ما يحصل به المواجهة ولا تحصل المواجهة بها، ولأن غسل الجنابة واجب فلا يجب فيه المضمضة والاستنشاق قياسا على غسل الميت.
واحتج المخالف (2) بما رواه أبو هريرة، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه جعل المضمضة والاستنشاق للجنب ثلاثا فريضة (3).
وما رواه أبو هريرة أيضا أنه عليه السلام قال: (تحت كل شعرة جنابة فبلوا الشعر وانقوا البشرة) (4) وباطن الفم بشرة، وداخل الأنف شعر، فيجب بله.
قال أبو حنيفة: لأنهما عضوان باطنان من وجه ظاهران من وجه، فأعطيناهما حكم الباطن في الوضوء وحكم الظاهر في الجنابة (5).
وقال أحمد: إنهما ظاهران، لأن الصائم لا يفطر بوضع الطعام فيهما، ولا ينشر حرمة الرضاع بوصول اللبن إليهما، ولا يجب الحد بترك الخمر فيهما، فيجب غسلهما (6).
والجواب عن الحديث الأول: إنه قد ضعفه العلماء، قالوا: إن راويه بركة الحلبي، وهو