والجواب: إن التعليل يشعر بأن الأمر للاستحباب فإن طريان الشك على يقين الطهارة لا يؤثر فيها كما في الشك في الحدث مع يقين الطهارة.
ويدل على الاستحباب أنها تدخل الإناء وتنقل الماء إلى الأعضاء ففي غسلها احتراز لجميع أعضاء الوضوء، وما رواه الجمهور من أن النبي صلى الله عليه وآله كان يفعله (1).
ومن طريق الخاصة: ما رواه الشيخ في الحسن، عن عبيد الله الحلبي، قال: سألته عن الوضوء كم يفرغ الرجل على يده اليمنى قبل أن يدخلهما في الإناء؟ قال: (واحدة من حدث البول، واثنتان من الغائط وثلاث من الجنابة) (2).
وما رواه، عن حريز، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: (يغسل الرجل يده من النوم مرة ومن الغائط والبول مرتين ومن الجنابة ثلاثا) (3).
واختلاف الأحاديث دال على الاستحباب وغير قادح فيه.
لا يقال: إنه أمر وهو يدل على الوجوب، وبه احتج الموجبون.
وأيضا روى الشيخ، عن عبد الكريم بن عتبة الكوفي الهاشمي، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يبول ولم يمس يده اليمنى شئ أيدخلها في وضوئه قبل أن يغسلها؟
قال: (لا حتى يغسلها) قلت: فإنه استيقظ من نومه ولم يبل، أيدخل يده في وضوئه قبل أن يغسلها؟ قال: (لا، لأنه لا يدري حيث كانت يده فليغسلها) (4).
لأنا نجيب عن الأول بأن الأمر وإن كان في الأصل للوجوب إلا أنه قد يستعمل كثيرا في الندب، وقد دللنا على الاستحباب فيحمل عليه، وعن الثاني: بذلك أيضا، والنهي لا يدل على التحريم في كل صورة خصوصا مع قيام الدليل الدال على المصير إلى خلافه.