حماما في المدينة فإذا رجل في بيت المسلخ، فقال لنا: (ممن القوم؟) فقلنا: من العراق، فقال: (وأي العراق؟) فقلنا: كوفيون، فقال: (مرحبا بكم يا أهل الكوفة وأهلا، أنتم الشعار دون الدثار)، ثم قال: (ما يمنعكم من الإزار؟ فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: عورة المؤمن على المؤمن حرام) قال: فبعث عمي إلى كرباسة (1) فشقها بأربعة ثم أخذ كل واحد منا واحدا ثم دخلنا فيها فلما كنا في البيت الحار صمد لجدي، فقال:
(يا كهل ما يمنعك من الخضاب؟) فقال له جدي: أدركت من هو خير مني ومنك لا يختضب، فقال: (ومن ذلك الذي هو خير مني) قال: أدركت علي بن أبي طالب عليه السلام، ولا يختضب فنكس رأسه وتصاب عرقا وقال: (صدقت وبررت) ثم قال:
(يا كهل إن تخضب فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قد خضب وهو خير من علي عليه السلام، وإن تترك فلك بعلي عليه السلام أسوة) قال: فلما خرجنا من الحمام سألنا عن الرجل في المسلخ فإذا هو علي بن الحسين ومعه ابنه محمد الباقر عليهما السلام (2).
وقد اشتمل هذا الحديث على فوائد:
إحداها: الأمر بالمعروف برفق.
الثانية: تحريم النظر إلى عورة المؤمن.
الثالثة: الأمر بالخضاب.
الرابعة: جواز دخول الرجل وابنه الحمام.
الخامسة: الدلالة على متابعة النبي صلى الله عليه وآله في أفعاله.
ويستحب الدعاء، روى ابن بابويه عن محمد بن حمران (3) قال: قال الصادق عليه السلام: (إذا دخلت الحمام فقل في الوقت الذي تنزع ثيابك: اللهم انزع عني ربقة النفاق وثبتني على الإيمان، فإذا دخلت البيت الأول فقل: اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي