الأول: إنه علق عدم التنجيس بعدد، فينتفي عند انتفائه.
الثاني: قوله: (وإن كان أقل من ذلك لم يتوضأ منه) وما ذاك إلا للتنجيس.
الثالث: قوله: (ما لم يكن له قرار، فليس به بأس) دل من حيث المفهوم على ثبوت البأس مع الاستقرار.
الرابع: قوله: (وما كان منه قليل لا يثقب الأرض، فليس به بأس) دل على ثبوت البأس مع الكثرة.
الخامس: قوله: (إنما ذلك إذا استنقع كله) دل بالنصوصية على ثبوت التنجيس مع الاستنقاع.
لأنا نقول: الجواب عما ذكرتموه من حيث الإجمال ومن حيث التفصيل:
أما الإجمال فمن وجهين:
أحدهما: إن هؤلاء الرواة لم يسندوها عن إمام، ويجوز أن يكون قولهم: (قلنا) إشارة إلى بعض العلماء، وإن كان هذا الاحتمال مرجوحا إلا أنه غير ممتنع.
الثاني: إن الوجوه التي ذكرتموها، غير دالة على التنجيس بمنصوص الخطاب، بل بمفهومه، فلا يعرض النص.
وأما التفصيل، فالجواب عن الأول بالمنع من عدم الحكم عند عدم العدد. ولنزد هذا تحقيقا فنقول: إذا (1) كان العدد الناقص علة للعدم، امتنع الوجود في الزائد لوجود علة العدم فيه، أما لو كان الناقص موصوفا بحكم لم يجب اتصاف الزائد به، فإنه لا يلزم من إيجاب الثمانين إيجاب الزائد، وإذا كان العدد موصوفا بوصف الإباحة، كان الناقص عنه إذا كان داخلا تحته في كل حال موصوفا بها، كإباحة جلد الثمانين المستلزم لإباحة العشرين، وإن لم يدخل تحته البتة لم يتعد الوصف إليه، كإباحة العمل بالشاهدين، وإن دخل في حال دون أخرى كإباحة استعمال ألف ومائتي رطل إذا وقع فيها نجاسة، لم تدل على الثبوت في الأقل، أما لو حرم عددا، فقد يكون الأقل أولى بالتحريم، كما في تحريم استعمال ما نقص عن الكر مع وقوع النجاسة المستلزم لتحريم استعمال ما نقص عن