(وجاءت الأخبار الصحيحة بتعذيب الميت بالنياحة والبكاء عليه) فحمله ابن حامد على من أوصى به. لأن عادة العرب الوصية بفعله فخرج على عادتهم. وفي شرح مسلم: وهو قول الجمهور. وهو ضعيف فإن سياق الخبر يخالفه، وحمله الأثرم على من وصى به حين يموت. وقال في التلخيص: يتأذى بذلك إن لم يوص بتركه. كما كان السلف يوصون.
ولم يعتبر كون النياحة عادة أهله. واختار صاحب المحرر أن من هو عادة أهله ولم يوص بتركه عذب، لأنه متى ظن وقوعه ولم يوص، فقد رضي ولم ينه مع قدرته. وقال ابن القيم في كتاب الروح: يتألم من ذلك ويتوجه مع لا أنه يعاقب بذنب الحي. * (ولا تزر وازرة وزر أخرى) * وهذا كقوله (ص): السفر قطعة من العذاب، فالعذاب أعم من العقوبة وهو اختيار الشيخ تقي الدين. وأنكرت عائشة حمل ذلك على ظاهره. ووافقها ابن عباس. وقالت: والله ما حدث رسول الله (ص) إن الله ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه.
ولكن رسول الله (ص) قال: إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه. وقالت لما بلغها رواية عمر وابنه في ذلك: إنكم لتحدثون عنه غير كاذبين ولا متهمين، ولكن السمع يخطئ.
وقالت: حسبكم القرآن: * (ولا تزر وازرة وزر أخرى) *. (وما هيج المصيبة من وعظ أو إنشاد شعر. فمن النياحة). قاله الشيخ تقي الدين ومعناه لابن عقيل في الفنون فإنه لما توفي ابنه عقيل قرأ قارئ: * (يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين) *. فبكى ابن عقيل. وبكى الناس. فقال للقارئ: يا هذا إن كان لتهيج الحزن فهو نياحة بالقرآن، ولم ينزل للنوح، بل لتسكين الأحزان.
فائدة: قال المصنف في الحاشية، مذهب أهل السنة: أن الروح هي النفس الناطقة المستعدة للبيان. وفهم الخطاب. ولا تفنى بفناء الجسد، وأنه جوهر لا عرض اه. وتجتمع أرواح الموتى فينزل الأعلى إلى الأدنى لا العكس. قاله في الاختيارات، قال: ومذهب سلف الأمة وأئمتها: أن العذاب أو النعيم يحصل لروح الميت وبدنه، وأن الروح تبقى بعد مفارقة البدن منعمة أو معذبة. وأيضا تتصل بالبدن أحيانا فيحصل له معها النعيم أو العذاب.
ولأهل السنة قول آخر: إن النعيم والعذاب يكون للبدن دون الروح اه. وقال ابن عقيل وابن الجوزي: هو واقع على الروح فقط. وقال ابن الجوزي أيضا: من الجائز أن يجعل الله للبدن تعلقا بالروح، فتعذب في القبر، ويسمع الميت الكلام، بدليل حديث السلام على